وقفت العربة ذات الحصان الواحد أمام مزرعة الأم (ماكلوار) تحمل المعلم (شيكو) خمار (دي به فيل) وهو رجل في العقد الرابع خشن المعارف هائل الخلقة أحمر الوجه بطين سمين، على وجهه سيما الخبث المكر
هبط الرجل سلم العربة، ثم ربط حصانها بخشبة معترضة ومشى على ساحة الدار
كانت الأم (ماكلوار) تمتلك أرضاً تجاوز مزرعته، طالما تشوقت نفسه إلى ابتياعها منها، وضمها إلى أرضه لولا أن كان يصده عن هذه الرغبة تعصب من العجوز عنيد وتصلب شديد. وكانت تقول:
- إني ولدت في هذه الأرض، وستجنني تربتها. . .
ففي هذا الصباح ألفي العجوز، وهي دردبيس في الثانية والسبعين من عمرها، أمام منزلها معنية بتقشير (البطاطس) كانت منكمشة الجلد، جافة اللحم، منضوخة الوجه. وبرغم ذلك كانت دائبة على عملها وكأنها في ربيع العمر تقدم منها المعلم (شيكو) وربت على كتفها في دعابة ثم قال
- وصحتك أيتها الأم، هل هي جيدة وأبداً جيدة؟
- أحمد الله، وأنت أيها المعلم؟
- بخير، ولولا قليل من الألم لكنت هانئاً راضياً
- جد مليح. ثم لاذت بالصمت وأخذت تقشر البطاطس وتديرها في حذق ومهارة، بين أصابع يابسة عقداء معروقة، تشبه أرجل السراطين، وفي يدها اليمنى سكين عتيقة منثلمة لا تكاد تقطع الجبن
وحين فرغت من البطاطس، وأضحت لماعة صفراء، ألقت بها في قدر مملوءة ماء. فإذا دجيجات وأفراخ تسعى إليها ناقة مقوقئة، ثم تختلس ما تبقى في حجرها من قشور البطاطس، وتتراكض في خبث عنها وفي منقار كل منها ما غنمت من قشور
كان المعلم (شيكو) يرقب هذا المنظر في سأم وضيق وفي نفسه أمر، وعلى لسانه كلام