أكبر الظن أن القراء سيعجبون ما وسعهم العجب، ويدهشون ما مكنتهم الدهشة لأننا نعتبر الأستاذ الشيخ محمد رفعت المقرئ المعروف بل سيد قراء هذا الزمن - موسيقياً قبل أن نعتبره مقرئاً. ولكنهم لو علموا أن الأستاذ موسيقي بفطرته وطبيعته وأنه يزجي إلى نفوسنا أرفع أنواعها، وأقدس وأزهى ألوانها، لكفوا أنفسهم مؤونة العجب والدهشة. . . لو علموا أنه (بصوته) فحسب يأسرنا ويسحرنا دون أن يحتاج إلى (أوركستر) يشد أزره ويهيئ الأذهان لفنه ويرسم الطريق لصوته، للمسوا موضع الإعجاز في فن هذا الرجل العجيب. وليتصور كل منا مطرباً أو مطربة يغني أو تغني دون مصاحبة (تخت) ماذا يكون، وماذا تكون. . .؟؟
إن البعض يستتر خلف هذه الموسيقى لتضفي عليه لوناً من الحسن والقبول، ولكن أستاذنا لا يعتمد إلا على نبرته اللامعة، وصوته الملائكي الحنون، وفنه المرهف، وأسلوبه المقتدر المبتكر. .!
(محمد رفعت). . . اسم يخطه القلم بسهولة وبساطة وسرعة فما إن يخط. . . حتى يهيئ للأذهان جواً غير الجو الذي كانت تعيش فيه. . . جواً من النور تسبح فيه أطياف الملائكة، وتغرد فيه بلابل الجنان، ويعطره أريج شذى ندى نقي. جو القرآن الكريم، المرتل، المفسر، الذي تخشع له القلوب، وتخضع له النفوس، وتؤسر له الأرواح مهللة مكبرة، جو الصفاء والنقاء الذي يتخلص فيه الإنسان من أدرانه وأوضاره، وشروره وآثامه. الجو الذي تصفو فيه الروح لتحلق في سماء قدرة الله ورحمته وحنانه، الجو الذي يخضع له العاصي، ويخشع له المتكبر المتجبر الذي يظن أنه كل شيء وما هو بشيء أمام جبروت الله وكبريائه.!!
صوت تبارك من خلقه وصوره، وخصه بهذا السحر الذي ينشر ألويته، ويرفع بنوده فوق ملايين البشر في أنحاء العالم الفسيح.
صوت لم يخلق الله مثله في لونه ونوعه، كما لم يخلق - جل شأنه - بصمتين متشابهتين،