للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الواحد!. . .]

للأستاذ عبد المنعم محمد خلاف

(البحيرة الكبيرة من المنبع الصغير هذه الحرب من قلب

واحد. صمامات التيارات العظمى. الفرد المنشود عالم معقد

التبادل بين الفرد الواحد والإنسانية الجامعة. توزيع الدنيا على

الأفراد والأفراد على الدنيا. من جذور الشجرة الإنسانية إلى

ثمارها. لابد لحياة الشجرة من اعتراف كل جزء فيها بكل

جزء)

تظهر بوضوح قيمة الفرد البشري الواحد، ومبلغ آثار تصرفه، في تدبير تشرشل أو هتلر أو روزفت أو إينونو أو أبن سعود أو ستالين أو أيزنهاور أو أمثالهم. فإن تصرف أحدهم يجر على أمته إما الحسن والفخار، وإما السوء والدمار.

ففي أمثال هؤلاء يتبين كيف يجر فرد واحد العالم، أو شعبه وراءه فيخفضه أو يرفعه. ومعنى هذا أن الفرد البشري ذو قيمة كبرى في حياة الاجتماع، وأن وضعه هذا يحتم عليه وعلى الدولة أن يحترسا دائماً من سوء تصرفاته، وما يجلبه على الاجتماع من الضرر.

فتصرف الفرد في الحياة الاجتماعية أشبه بتصرف ماء مستبحر من ثلم رخو، على أرض منخفضة، يبدأ ضعيفاً، ثم لا يلبث أن يتحول سيلاً حَدوُراً لا يستطاع ردُّه.

ومهما قيل في حكم الديمقراطية المطلقة، والشورى الفضفاضة، فروح الانتقال والبطولة، وفتح آفاق جديدة تتركز غالباً في فرد واحد. وخصوصاً عند الأزمات الخطيرة، ويكون هذا الفرد حينئذ كموضع نبع الماء في البحيرة التي يكونها، ويكون آثاره وعظمته بها. فموضع النبع صغير، ولكنه هو البحيرة الكبيرة في الواقع!

وكيف انبثق هذا الدمار في هذه الحرب على العالم؟ لقد انبثق من قلب رجل واحد ملئ قلبه بالحقد والضغينة على الذين رآهم لم ينصفوا أمته. وتجمع الحقد والضغن في قلبه، كما يتجمع القيح والصديد والرَّحَضُ في رأس خراّج، فيصيب جسم أمته بالحمى والرعدة، ولا

<<  <  ج:
ص:  >  >>