للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي (يتيمة الدهر) لأبي منصور الثعالبي: كان القاضي التنوخي في جملة القضاة الذين ينادمون الوزير المهلبي، ويجتمعون عنده في الأسبوع ليلتين على التبسط في القصف، وهم ابن قريعة وابن معروف والقاضي التنوخي وغيرهم، وما منهم إلا أبيض اللحية طويلها، كذلك كان الوزير المهلبي، فإذا تكامل الأنس، وطاب المجلس، ولذ السماع، وأخذ الطرب منهم كل مأخذ - وهبوا ثوب الوقار للعقار، ويرقصون أجمعهم. وإياهم عنى السري بقوله: (مجالس ترقص القضاة بها) فإذا أصبحوا عادوا لعادتهم في التوقر والتحفظ بأبهة القضاة، وحشمة المشايخ والكبراء.

هذا قليل من كثير من أخبار الرقص والراقصين من السلف الصالح، فكبيرة أن نحرم ما حللوه، وأن نستهجن عملا قد استحسنوه، وهم الناس عندنا، وهم لنا قدوة. بيد أنّا نقول: إلا يرى الكاتب الفاضل والعقلاء من أهل الرجولية والحزم أنا (معشر العرب) أحوج في هذا الوقت إلى إتقان فن (الإنقاذ) منا إلى تعلم فن (الرقص)؟ و (اليوم أمر وغداً خمر) وأنا حقيقون أن نتمثل بما تمثل به البطل الأموي (عبد الملك بن مروان) حين أقبلت عليه تلك الحوراء الباهرة وهو في محرابة (أبن الأشعث):

قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم ... دون النساء ولو باتت بأظهار

حتى إذا نجونا مما نحن فيه أجبنا داعي الطرب، ورقصنا الرقص العجب؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>