للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

من أساطير الأغريق

أرفيوس الموسيقى أو رحلة إلى الدار الآخرة

بقلم الأستاذ ديني خشبة

أرفيوس! لسان الطبيعة، ونجيُّ الآلهة، ووحي السماء إلى جي، وصاحب القيثارة ذات الرنين. . . . والأنين

كان يعزف، فتشيع الحياة في الصخر، ويقف أبوللو العظيم في مركبته الذهبية، مًطلا برأسه من عليين، يسمع ويطرب وكذلك كانت تصنع ديانا، فلطالما كانت تنزل من مركبتها الفضية في أعلى أجواز السماء، لتلبث هنيهة بباب أرفيوس، تتزود لرحلتها الليلية المرهقة، من مشرق الدنيا إلى مغربها

والأشجار! إن لها لجذوراً متغلغلة في أطباق الأرض، ومع ذلك فقد كانت حين تسمع أرفيوس، تنزع اليه، وتسير وراءه خبباً! وكم شهد الناس حول بيته غاية من الدوح العظيم، والأيك الذاهب، سعت إليه تلتذ من موسيقاه، ثم هي تنصرف في المساء فتنغرس في أصولها، وقد ازدادت نضارة وازدهاراً!

ومع ذاك، فقد كان ذا غُرَّة مشرقة، وابتسامة حلوة ما تكاد تفارق ثغره الصغير الجميل. وكان جم الحياء؛ لم ينهر مرة أحد رواده، أو المترددين عليه؛ بل كان يلقي الجميع ببشاشة الأخوة، وهشاشة الود

وكانت له زوجة أجمل من روعة الفجر، وأفتن من وشي الأصيل، وأندى على قلبه من أنفاس الصباح

اسمها يوريديس. . . مصدر إلهامه، ومعين عبقريته، وجمال لحنه، وأغنية حبه، وأنشودة هواه. سئل مرة: ماذا تملك من الدنيا يا أرفيوس؟

فأجاب: (قيثارتي. . ويوريديس!)

وكانت يوريديس تجمع الأزهار البرية في ربرب من أترابها، لتصنع منها باقة مفوّفة تقدمها لأرفيوس، وكانت كلما راقتها سوسنة أو وقعت في نفسها زنبقة، طبعت عليها قبلة

<<  <  ج:
ص:  >  >>