لست أدري لماذا أثرت في نفسي أيما تأثير هذه الصورة التي في أعلى هذه الصفحة! منذ رأيتها وأنا أحاول التغاضي عن هذا التأثر الشديد بها؛ ولكني لم أفلح. وكلما هممت بقراءة كتاب أو كتابة مقال، شتت انتباهي ذلك المنظر، وأخيراً لم أر بُداً من الكتابة عن الصورة ذاتها.
إن كل أمر مهما كان طفيفاً يؤثر تأثيراً عظيماً في حياة البشر وأخلاقهم.
قال وست المصور:(إن قبلة واحدة من أمي جعلتني مصوراً).
وكتب فول بكستن إلى أمه بعد أن نال منصباً عالياً يقول:(إنني أشعر على الدوام بنتاج المبادئ التي غرستها في عقلي).
ووقفة جلالة الملكة نازلي في هذه الصورة بين كبرى بناتها وصغراهن: صاحبة السمو الإمبراطوري الأميرة فوزية، وسمو الأميرة فتحية، وقفة الأم الرءوم العطوف.
أنظر إلى سمات الحنو الأموي على محياها، وإلى التأثر البادي على قسماتها!!
لعمري أيتها الأم الكريمة، ماذا يكون جواب سمو الأميرة فوزية لو سئلت عن أثر هذا الحنو الدافق من كفك إلى كفها في أرهب لحظة تفارقان فيها أرض الوطن العزيز، وعن مبلغ أمومتك الكريمة في حياتها وتكوينها؟!
سيكون جوابها دون تردد كما قال لورد لنديل، عندما فطن إلى قدوة أمه الصالحة:(إذا وضع العالم بأسره في كفة ميزان وأمي في الكفة الأخرى رجحت عليه رجحاناً عظيماً).
إنها تستمد من جلالتك القوة والشجاعة التي تستعين بهما على حياتها المستقبلة. . . ولست بهذين ضنينة ولا متكلفة. فاغتبطي يا سمو الأميرة، واهنئي بأمك الجليلة.
إن كل أم قوية كالطود، صابرة كالزمن، وادعه كالزهر. . . إلا فيما يمس أولادها من قريب أو بعيد، فهي إذن الرعد المدوي، والفزع الثائر، والقدر الذي لا يرحم. فالأولاد ثمرتها في الحياة، وبهم خلود الحياة؛ وهم رأس مال آمالها، ومعين سعادتها، ومعقد رجائها على الدوام.