على الضفة الغربية من بحر الخزر، وعلى المنحدر الشرقي لجبال القوقاز، بلاد جبلية تذكرنا بمناظرها، وأشكالها الطبيعية، وحياة سكانها الاقتصادية جبال لبنان، لكنها أشد برداً منها وأكثر وعورة وأجمل منظراً.
وهذه البلاد الجبلية هي التي تعرف اليوم بالداغستان، أي البلاد الجبلية. وقد أطلق عليها العرب يوم احتلوها أسماء شتى منها الجبال، وبلاد الباب، أو الباب والأبواب، وبلاد صاحب السرير، وبلاد الخزر، إلى غير ذلك من الأسماء التي لم تكن تشمل كل البلاد، بل قسماً منها أو أقساماً بعضها مستقل عن البعض الآخر. وأكثره واقع في جنوبي الجبال، وكان داخلاً في حكم الفرس حتى الفتح العربي كما يؤخذ من البلاذري واليعقوبي والطبري وغيرهم.
ويحد بلاد الداغستان هذه من الجنوب جمهورية آذربيجان، ومن الشمال نهر (ترك)، ومن الشرق بحر الخزر، ومن الغرب جبال (أبرز)، و (قازيك) وممر (دريال) الشهير وجزء من بلاد الكرج واركس.
كانت هذه البلاد المجاز الذي يسلكه الفاتحون الآسيويون إذا أرادوا الإغارة على أوروبا، وبلاد الروس الصقالبة، ويعبره الروسيون والتتار من الشمال إلى الجنوب إذا أرادوا التوغل في أنحاء آسيا، ولذلك كانت - دائماً - محط أنظار الفاتحين والغزاة من قديم الزمان إلى يوم الناس هذا.
ولم تكد جيوش الإسلام والعرب تحتل أرمينية وأذربيجان في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه حتى أصعدوا شمالاً نحو (باب الأبواب).
وكان أول من سار إلى تلك الجهات هو سراقة بن عمرو، ومعه عبد الرحمن بن ربيعة، وحذيفة بن أسيد، وبكير بن عبد الله، وسلمان بن ربيعة مع نفر من المجاهدين، فوصلوا إلى (دربند) - باب الأبواب - وفتحوها في سنة ٢٢ هجرية وفي فتح (دربند) يقول سراقة بن عمرو: