. . . ولاقيت صديقي بول دوران بعد غياب طويل فاندفعت إليه في شوق قائل:(كيف حالك يا عزيزي؟ لقد احتجبت عنا طويلاً، أفتزوجت حقاً؟ لم يكن ليضطرب في خيال واحد من رفاقك أنك تتزوج فتزل على بعض ما فيك من عبث ومرح ولكن المرأة. . المرأة يا بول!).
وابتسم بول في رقة واخذ بذراعي يجرني اليه، أفكان لبول أن يتزوج وقد عرف في صحابته المجون والعبث؟ إن هذا خيال ما يستطيع الإنسان أن يثق به!
وتناول سيكارة في هدوء وقار، وحدجته بطرف عيني فآلمني أن أرى فيه الرزانة والسكون! لا ضير،، فهو زوج! ثم. . . ثم قلت:(لقد أبدلت طبعاً بطبع يا بول بعد أن تزوجت. . تزوجت من فتاة جميلة) فترك ذراعي في غضب وهو يقول: (دع عنك المزاح وإلا كان هذا فراق بيني وبينك!) وأزعجني حديثه فاندفعت أسأل: (ماذا يا صديقي؟)
قال:(حقاً، أنها حسناء فاتنة. . ولعمري إن البلاء في الزوجة الحسناء، فأنا ادفع الثمن غالياً! نعم إنني أحبها ولكن أتعلم ما يثقل زوج المرأة الحسناء؟ إذا غاب عنك هذا فلا تتحدث عن شيء بعده. إن الزواج من حسناء يتطلب صبراً كصبر أيوب ثم يصفر صفيراً مزعجاً وفي وجهه العبوس والتهجم؛ وخيل إلى أنني سموت إلى الغاية متى يريد فقلت: (أفرأيت يا بول، أن خطاياك تنحدر إليك من صبب! هذا هو الجزاء! إن الغيرة تكاد تعصف بك) ونظر إلى في دهشة وهو يقول: (يا للغباء! أي غيرة؟ فيم تفكر؟ وأسفت على أن رميته بتهمة هو منها براء، فقلت: (أفلا تستشعر الغيرة؟) قال: (لا. لا. إن الزوجة الحسناء هي خير ما يتمنى المرء ما لم يستعبده جمالها) قلت: (لقد قصر عقلي عن أن أستشف ما تريد) قال: (سأضرب لك الأمثال لأكشف لك عن بعض ما عمي عليك).
وبدا لي أنه يتنفس عن كربته حين ينشر على عيني أمره، وأنا صديق قديم حبيب إلى نفسه، فتعلق بصري به وهو يتناول سيكارة أخرى فيشعلها وهو يقول:
إن النشوة التي سيطرت علي - يوم زوجنا - كادت تستلبني عقلي. لقد انطلقت إلى ميونخ