للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن أساليبهم

للأستاذ عباس محمود العقاد

أشرنا في مطلع مقالنا السابق إلى أساليب الشيوعيين في نشر مذهبهم على الطريقة الصريحة، وهي الإشادة بمحاسنه والقدح في نقائص النظم الأخرى، أو على الطريقة الخفية - غير الصريحة - وهي الإكثار من التهم والعيوب التي يلصقونها بالنظام القائم دون أن يشركوا الشيوعية في أمثال هذه التهم والعيوب

ونرى أننا نحن المصريين والشرقيين عامة بأشد الحاجة في الآونة الحاضرة إلى التنبيه بعد التنبيه إلى هذه الأساليب الخفية لأنها أضر من صراحتهم في التبشير بمذهبهم، ولأن الحيطة منها أقل، والحذر من عواقبها ضعيف مهمل لضعف المعرفة بمراميها ودروبها التي تتسلل منها

وجملة ما يقال في هذه الأساليب أنها تتلخص في تشجيع كل عامل من عوامل الهدم والانحلال في المجتمع الذي يحاربونه، وتحقير كل عامل من عوامل التماسك، والثبات في ذلك المجتمع، سواء تكلموا عن الأدب، أو عن الفن، أو عن السياسة، أو عن الأخلاق

ولهم في كل بلد من البلاد نغمة يخصونها بها ولا يزالون يرددونها، ولا يقرنونها بذكر الشيوعية الصريح حذراً من تنبيه الخواطر وإثارة الشكوك

ففي الأقطار العربية مثلاً هم أنصار الكتابة باللغة العامية حيثما وقعت المفاضلة بينها وبين اللغة الفصحى

لأن اللغة العامية توافق حملتهم على العقائد الدينية كلها، ومنها العقيدة الإسلامية التي هي قبل كل شيء عقيدة القرآن. ولأن اللغة العامية توافق دعوتهم إلى تغليب الطبقة العاملة التي يزعمون أنهم يهتمون بتعليمها، وهم يسجلون عليها الجهل والاكتفاء بلغة الجهلاء، ولأن اللغة العامية تقطع ما بين الحاضر والماضي، وهم يقرنون بين الماضي والنظم الاقتصادية التي يحاربونها

وإذا سألتهم في ذلك قالوا كما يقول أنصار العامية دائماً إن سواد الناس لا يفهمون الفصحى، وإن اللغة الحية هي اللغة التي يتكلم بها الناس كل يوم

وكل هذا خطأ ظاهر كما فصلنا القول فيه بما كتبناه عن الفصحى والعامية؛ لأن سواد

<<  <  ج:
ص:  >  >>