دوى اكتشاف آل كوري في العالم أجمع خواص الراديوم العجيبة الغريبة، وخلق مجالي حديث وبحث واسعي النطاق؛ فاحتضنه الأطباء لعلاج الأمراض المستعصية مثل السرطان، ولكنه أوجد صداعا دائما لعلماء العلوم الطبيعية الذين يريدون تفسير ظواهره وخواص وسر إشعاعاته وقوته البالغة.
أحسوا أن كل علومهم عن الطبيعية والمادة معلومات قليلة القيمة لا تزال في مهدها. فلم يعد أي عالم يستطيع الجهر بأنه يدرك شيئا عن سر المادة. فهل الذرة وحدة صماء لا تنقسم أم هي عالم آخر غير العالم الذي أدركوه وفكرة أخرى غير التفكير والمنطق الذي ساورا على هديه كل تلك السنين؟
وكان المعروف في أواخر القرن الماضي أن عناصر تتألف من سبعين عنصرا - وقد زادت الآن إلى ٩٣ - مثل الأوكسجين والحديد والذهب وغيرها. فهل هذه العناصر هي الوحدات التي تتركب منها مواد الكون؟ أم أن الطبيعة تحتفظ بسر مازال مجهولا؟
كانت ظاهرة الإشعاع في الواقع أمراً يستدعي كثيراً من العلم والتجربة لتفسير خفاياها. وأحس العالم بحاجته الماسة إلى تجارب عظيمة متشبعة ليكشف نواحي الغموض التي تحيط بالإشعاع. فاندفاع العلماء بكل نشاط في هذا السبيل فخدمتهم المصادفة مرة وخدمتهم علومهم أخرى فتكللت أبحاثهم بالنجاح.
الذرة المعقدة
ولم يمضي وقت طويل حتى انغمر في أبحاث الذرة. فحتى تلك اللحظة كان العلماء يعتقدون أن الذرة أصغر الجسيمات فأثبتت أشعة إكس المجهولة، والنشاط الإشعاعي أن الذرة بناء شديد التعقيد مؤلف من جسيمات أصغر. وكان أول رواد هذا البحث السير تومسون أستاذ العلوم الطبيعية في كامبردج بإنجلترا. ولم يقتصر عمله على الأبحاث والنتائج التي وصل إليها بنفسه بل درب فريقا من الشبان ليواصلوا العمل وحدهم، ويكتسبوا الشهرة الدولية. ومنهم السير ارنست رذرفورد والبروفيسور ولسن والبروفيسور لنجفين الفرنسي.