وقد عجمت تلك الخطوب قناته ... فزاد على عجم الخطوب اعتدالها
وما كان محروماً من النصر في الوغى ... ولكنها الحرب اعتدت وسجالها
ولو شاء إذ ترك المشيئة سؤدد ... لأشوته يوم الهندوان نبالها
غداة يجاريه التقدم في الوغى ... أبو غالب والخيل تترى رعالها
كأنهما من نصرة وترافد ... يمينك أعطتها الوفاء شماله
(البحتري)
بين مدينتي تور وبواتييه حيث المروج الخضراء وفي قلب فرنسا شن الغرب علينا هجومه المضاد سنة ٧٣٢ هجرية، ومنذ ألف ومائتين وخمسين سنة، والقتال دائم بيننا، لا هوادة فيه ولا حماية ولا تسليم ولا رحمة. . .
ولكنك يوم دخلت مصر آمناً مطمئناً، وعبرت مجمع البحرين: هلّلت العروبة في أفريقيا وآسيا لمقدمك، وقالت اليوم انتهى هجوم شارل مارتل، وانتقلت أمم المغرب والمشرق من خطط المدافعة إلى الهجوم، نعم في الساعة التي نزلت فيها إلى أرض مصر العربية في تلك اللحظة أيها المجاهد المقاتل، تراجعت القرون وانحنت أمام إرادة صامتة وقوة لا تقهر، وبدأنا مرحلة جديدة من الكفاح في سبيل تحرير المغرب ونصرته وعودته إلى حظيرة الوطن الأكبر. فاذكر ذلك اليوم. لأن وراءنا الأزمات تتحدث والنكبات تتوالى، وملاحقة الشعوب الحرة في عقر ديارها في الجزائر وتونس وطرابلس ومصر، لقد انتهى كل هذا بمقدمك، وبدأنا صراعاً آخر نحو الحرية والمجد، لا تراجع فيه ولا يأس وإنما هو دفعة تتبعها وثبةٌ، ووثبةٌ لا يقف أمامها في المعترك حائل. لقد نظرت إلى الشاطئ الأفريقي وقلت من ضفاف قناة السويس من هنا يبدأ يوم الفصل: نعم يبدأ هجومنا نحن، هجوم البطولة والجهاد تحت إعلام الحرية والعروبة والإسلام.
ويوم دخلت القاهرة، قاهرة المعز لدين الله، بلد صلاح الدين وبيبرس، ضحكت واستبشرت، وأتتك الجموع تتري إليك، أتدري لماذا أيها القائد العظيم؟.