للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الاتجاهات الحديثة في الثقافة الأوردية]

للدكتور عمر حليق

لعل أبرز الظواهر في حاضر الحياة الفكرية في الباكستان هو العكوف عن التقليد الأعمى والانسياق التام في تيارات الثقافية الغربية التي كانت تهيمن على الحياة العقلية في القارة الهندية قبل تقسيمها إلى هند وباكستان

وجدير بالذكر أن أثر الثقافة الغربية مع الإنتاج الفكري في القارة الهندية لم يكن في جملته سيئ النتائج. فقد أولد هذا الأثر اتجاها ملحوظا لتوجيه الحياة العقلية هناك على أساس مناهج البحث العلمي الحديث. بحيث أخذ إنتاج الهند والباكستان يتميز بطابع الدقة وعمت الفكرة التي يلمسها كل من أتيح له الاطلاع على البحوث القيمة التي عالجت مشاكل الساعة سواء في الدراسات العلمية للتراث الإسلامي والهندوس أو في الشعر والنثر الأوردي، أو في الإنتاج الفني الذي أخذ ينمو هناك نمواً سليماً

ولكن الظاهرة الفريدة في حاضر الثقافة الأوردية هي انفراد حفظة الثقافة في الباكستان - إثر ميلاد هذه الدولة الإسلامية - في العكوف عن جعل الحياة العقلية والأدبية والفنية هناك صورة مشوهة للثقافة الغربية وصدى سطحي العمق للتيارات الأدبية والفنية التي تتسرب إلى حاضر الثقافات الآسيوية من أوربا والعالم الجديد

فقد شعر حفظه الثقافة الأوردية في الباكستان أن الانسياق في التغذي بالصورة المتوهمة للثقافة الغربية قد أخذ يولد في الأوساط الثقافية هناك لونا من التشويش قد يؤدي إلى توجيه الحياة الفكرية في هذه الدولة الجديدة على نمط لا يتمشى مع روائع المجتمع الباكستاني وتراثه الإسلامي وقضاياه السياسية ومشاكله الاقتصادية والاجتماعية

وثمة أمر آخر دفع الباكستانيين إلى مراقبة تيارات الثقافة الغربية المتسربة إلى مجتمعهم مراقبة نبيهة. . . ذلك هو ازدياد الشعوب إيمانا بأن دعائم الفكر الغربي لم تستطع أن تثبت صلاحها لتوطيد الاستقرار في الغرب نفسه وفي المجتمع العالمي الأكبر

ومما فرض على حفظة الثقافة الأوردية في الباكستان هذا التحفظ في نشاطهم التوجيهي. . الأحداث السياسية والأوضاع الاقتصادية الطارئة التي جاءت في أعقاب التقسيم، وتعرض الدولة الباكستانية الجديدة إلى مشاكل إدارية واجتماعية نشأت عن طبيعة التكوين الجغرافي

<<  <  ج:
ص:  >  >>