بينا في الكلمة السابقة ما ينبغي توفيره لجميع رجال المسرح من الكرامتين المادية والمعنوية، وبينا نصيب كل من وزارتي المعارف والشئون من مهمة إنهاض المسرح المصري وموالاة العناية به حتى يقوى عوده ويشتد ساعده؛ لأنه بذلك يكفل لنا نهضة اجتماعية ونهضة إصلاحية ونهضة في اللغة ونهضة في الأدب ونهضة في الأمن ونهضة في الذوق العام ونهضة في جميع فروع الحياة المصرية، بل نهضة الأمم العربية قاطبة في كل فروع حياتها
وبينا كذلك ما يجب على بلديات المدن المصرية جميعاً أن تساهم به مهمتهم لا تقف قط عند حدود مراعاة النظافة في مدنهم وتجميل شوارعها، وغرس الأشجار على جوانب الطرقات، وما إلى ذلك من عمليات الكنس والرش والإضاءة وتوفير المياه المرشحة وإنشاء المجاري. . . كلا. . . إن مهمة أعضاء البلديات لا تقف قط عند حدود هذا الجهاد الأصغر، كما قال مرة أحد مشجعي النهضة المسرحية في ألمانيا. . . بل إنها تتعدى تلك الحدود إلى جهاد أكبر يفوقها قيمة وجدوى. . . ذلك هو العمل على رفع مستوى الشعب وحياته الاجتماعية. . . فيجب ألا يقتصر الكنس على شوارع المدينة وحاراتها، بل ينبغي أن يتناول القاذورات المختبئة في نفوس الأفراد أيضاً. . . وإذا نجحنا في إزالة هذه القاذورات استطعنا أن نضاعف نظافة المدينة وأن نزيد في جمالها ورونقها. . . والحمد لله، فلقد تنبهت بلديات كثيرة مصرية إلى واجبها نحو الثقافة العامة، فأنشأت دور الكتب والمسارح التي اقتصرت إلى الآن على عرض الصور المتحركة، فلتكن هذه باكورة نهضة مسرحية إقليمية نحكي بها ما قام في إنجلترا من المسارح المتنقلة، الـ ومسارح المدن الخاصة التي سمينا الكثير منها في الفصول السابقة عن المسرح في أوربا
فإذا وجد المسرح المصري على هذا النحو، فلا مندوحة من أن يبدأ حياته على صورة ما من صور مسارح المستودعات، وذلك إلى أن توجد الدرامة المصرية الحقة التي يمكن أن تأخذ مكانها بين الدرامات العالمية المثالية، والتي نستطيع إخراجها على صورة تمثل مصر