فالشر المحض ليس له وجود، ولا سيما في الحوادث الكبيرة، ومن الخير الذي في الحروب أنها تعين على تعريف الأمم بعضها ببعض، وتعليم الناس ما لم يكونوا يعلمونه من شئون البلاد الأخرى. فلا تنتهي حرب بين أمتين أو أمم شتى إلا تركتها وهي أعرف بأحوالها ورجالها مما كانت قبل اشتعالها، ومصداق ذلك ظاهر في الحروب الأوربية القريبة، وفي كل حرب من الحروب الموزعة في جوانب الكرة الأرضية
ومنها حرب الصين واليابان
فالأوربيين كانوا يذكرون الصين في القرن الماضي فلا يذكرون بها غير الأفيون والخطر الأصفر، والحائط الأعظم الذي يحيط بها منذ قرون. وقد يذكرون الرسوم والنقوش والآنية وطرفا من الحكمة التي تنسب إلى كنفشيوس، فإذا بهم قد ذكروا عنها كل ما يعرفون، أو كل ما أرادوا أن يعرفوه!
أما اليوم فالصين بلاد مكشوفة يكتب عنها في لغات العالم كما يكتب عن البلاد الأوربية، ويقرأ الناس ما يكتبه أدباؤها وما يكتبه أدباء العالم عنها، ويحسب جمهور القراء في المسائل الصينية بمثابة الألوف بين جميع الأجناس والألوان
وأشهر أدباء الصين الذين عرفناهم بعد حربها الأخيرة هو لن يوتانج غير مدافع
آخر ما قرأناه له مقال في مجلة أمريكية عنوانه (ما بالك لست بفيلسوف؟):
خلاصته أن الشرق والغرب يجب أن يلتقيا، أو هما قد التقيا، وأن التقاءهما ضروري لأن إدراك العقل لطبيعة الإنسان قد تغير، كأنك قد عمدت إلى بناء فحطمت قواعد فهو لا يتماسك ولا يعاد تعميره ليسع العالم الجديد حتى يشترك في بنائه كل من سيأوي إليه، وهم الشرقيون والغربيون
قال ما فحواه: لما قرأت أن وندل ويلكي كان في شنكنج يوم الجمعة وعاد إلى أمريكا يوم الاثنين ذعرت!. . . أهي فسحة آخر الأسبوع بين قارتين؟ إن الشرق والغرب إذن لملتقيان
وستطرد قائلاً: إن عالماً جديداً ينبغي أن يسبك من عناصر الثقافات الإنجلوسكسونية