للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[رثاء الأستاذ الأكبر]

للأستاذ عباس محمود العقاد

عصف النعّي بكل قلب خافق ... يوم استطار بنعي عبد الرزاق

من راب سمع السامين بخطبه ... وهو المعلم كل علم صادق

ومن استقام على الفضيلة والتُّقى ... ورعى مع المخلوق حق الخالق

ومن ارتضى شيم الثبات لزيه ... ولرأيه، ولكل سمت لائق

ومن اتقى حسد الحسود بخير ما ... يُرجى ويُحسد من نُهى وخلائق

نظرٌ كساري النجم مؤتلق على ... أدب كأفواف الربيع العابق

بلغ المدى في الدين والدنيا معاً ... وعلا من الأحساب ذروة شاهق

أسفاً عليه! وكم حزين آسف ... أسفي على ذاك المحيا الرائق

ماذا عليه لو استتم بقاءه ... كتمامه في كل وصف فائق

ذاك الذي كملت جوانب فضله ... وتناسقت في الحسن أي تناسق

من مثل نابغة النوابغ، مصطفى ... في سابق من مجده أو لاحق

رجّاه والده الكريم لغاية ... حسبني، فوفاها وفاء الواثق

ربّاهِ حبراً للديانة فاستوى ... في نخبة الأحبار أسبق سابق

ونماه في حجر العبادة مسلماً ... فهدى الحجيج وحج كلَّ منافق

وأعده للعلم فاستوفى به ... حظ العليم الفيلسوف الحاذق

وغذاه بالتبيان فانقادت له ... غرر اليراع بكل معنى شائق

وهداه للإحسان فهو وليه ... لمعاهد الإحسان غير مفارق

ورجاه للعلياء فاستبق الخطى ... سبق الكرام إلى المقام السامق

لا وانياً عنها، ولا متعجلا ... فيها، تعجّل مشفق من عائق

وكأنه وعد الأمين وفى به ... فطوى صحيفته كلمح البارق

لو لم يكن قدراً قضاه لما قضى ... كالنجم يرجع غارباً من شارق

إن المطالع لا يقر قرارها ... بعد التمام، ولا تدوم لطارق

يا آخذاً من كل شئ صفوه ... بوركت من ذي معجزات خارق

<<  <  ج:
ص:  >  >>