إن تحريم الخمر بأنواعها في التشريع الإسلامي، جعل المسلمين يلجئون إلى وسائل أخرى تسبب لهم نشوة خفيفة أو ضروباً مختلفة من الطرب الشديد
وأكثر هذه الوسائل انتشاراً في أغلب البلدان الإسلامية ما يسميه العرب (كيفاً) وهو تدخين التبغ، ولا يمكنني أن أترجم هذا اللفظ بأكثر من (لذة لطيفة). ويبدو أن هذا التبغ أدخل إلى تركيا وجزيرة العرب وغيرهما من بلاد الشرق قبيل القرن السابع عشر من الميلاد أي بعد سنوات قليلة من انتظام تصديره كسلعة تجارية من أمريكا إلى أوربا الغربية. وكثيراً ما أشتد الجدل حول إباحة التدخين للمسلم غير أن ذلك جائز الآن. وقد غير التبغ من طباع المدمنين عليه من الترك والعرب وجعلهم على الأخص أكثر كسلاً مما كانوا عليه قبلاً، فهم يضيعون في تدخين شبكهم وقتاً طويلاً. إلا أنه كان ذا أثر آخر حسن، فقد أغنى إلى قدر كبير عن استعمال النبيذ الذي يضر على الأقل بصحة سكان الأقاليم الحارة. وتقدم قصص ألف ليلة وليلة التي كتبت قبل استعمال التبغ في الشرق والتي تصور لنا بلا ريب عادات العرب وشمائلهم في ذلك الوقت تصويراً صادقاً، تقدم هذه القصص أدلة وافرة على أن المسلمين وقتئذ أو في العصر السابق مباشرة كانوا يشربون النبيذ علانية. ويمكن أن نقول دفاعاً عن الشبك - كما يستعمله العرب والترك - أن أنواع التبغ الخفيفة التي يستعملونها عادة لها تأثير لطيف. فهي تهدئ الجهاز العصبي وترهف الذهن بدلاً من أن تبِّلده. ولا شك أن الشبك يتضمن كثيراً من ملذات الشرقيين ويقدم إلى الفلاح منعشاً رخيصاً زهيداً ويبعده في الغالب عن الملذات المضرة
وتعتبر القهوة، نعيماً مماثلاً للتبغ وتؤخذ معه، وقد ساعدا على جعل النبيذ أقل انتشاراً بين