للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

صور من هوميروس

٨ - حروب طروادة

من السماء

للأستاذ دريني خشبة

قضى بروتسيلوس نحبه، وعادت روحه الكريمة إلى هيدز مصطحبة روح زوجته البارة، وغرست عرائس الفنون فسائل الدردار فوق قبر الراحلين فنمت وترعرعت، ونعم بفيئها الوارف ماء الهلسبنت ورتعت في ظلها أترابه. . .

ولكن. . .!

لقد كانت روح بروتسيلوس الجذوة التي أججت نيران الحرب فجعلتها ضراما!! فانه ما كاد يرمى بالسهام فيصمى، فيسيل دمه أنهارا، حتى تدفقت جيوش الهيلانيين على الشاطئ الأسيوي، غير مبالين بالموت الأحمر الذي كانت تمطرهم به سهام الطرواديين، والمنية السوداء التي كانت تقطر من سيوفهم، فتحصد صفوف الغازين حصدا. لا. لم يبال الهيلانيون بهذا الهول الأكبر، بل انقضوا على الشاطئ شكاكا في سلاحهم، مقنعين في دروعهم، مرهفين سيوفهم، تفيض عليهم عدة الحرب كأنهم جنة ترقص في زوبعة، أو ظلال من الذعر تجول في معمعة

وتبعهم قادتهم العظماء فانطلقوا يبوئونهم مواقف للقتال، ويلقون عليهم من كلمات الحماسة وخطب الاستبسال، ما أضرموا به جوانحهم شوقا إلى خوض الكريهة، وحنينا إلى اقتحام الوغى، وصبوة إلى تقبيل الرقاق البيض

ودقت الطبول فكانت إيذانا بهجوم الهيلانيين

فانظر الآن إلى البحر يلتطم بالبحر، والموج يساور الموج، والموت يصاول الموت، والحياة الحلوة تأخذ بتلابيب الحياة الحلوة، وصيحات الهيلانيين تردها صيحات الطرواديين؛ وليل الآخرة يغطش نهار الدنيا، وظلام القبور يكشر لهذه الدور، والفزع يمشي في صفوف هؤلاء وهؤلاء، واليتم يجرح هذا الكبد، ويقرح ذلك القلب، والحزن

<<  <  ج:
ص:  >  >>