كتبت على أثر الحملة الطائشة التي قام بها بعض الأدباء على
المنفلوطي وأدبه بمناسبة ذكراه الثالثة عشرة
أحق ما يقولون من أن صاحب (النظرات)(ليس بالكاتب ولا الأديب)، وأنه صنم من أصنام الأدب (يجب علينا تحطيمه وطرحه)، وأنه خلو حتى (من ناحيةٍ واحدة خليقة بالتحليل ووجهٍ واحدٍ جدير بالدرس)؟!
أتكون نفثاته الشائقة نفاية (لا قيمة لها ولا وزن)، وكتاباته الممتعة (مزيفة جوفاء)، وأدبه الرائع (سقيماً هزيلاً)؟!
أيبلغ العقوق في هذا الجيل حدَّه الأقصى فيتهجم الأبناء على آبائهم والتلاميذ على أساتذتهم ولا يعترفون لهم حتى بالتثقيف ولا يقرون لهم بفضل ولا شبه فضل؟!
أكلما طلع كاتب جديد كان القدح أو كلماته، والنقد الجارح أول نفثاته، وكان الهدم نصيب نابغة من نوابغ الأدب العالي وقطب من أقطاب الفن الرفيع؟!
أحتم على الأديب الناشئ أن يتخذ النقد المرّ وسيلةً لبلوغ ما يصبو إليه من مكانة، والتهكم اللاذع سبيلا إلى ما يطمح إليه من مقام، كأن لا نهج إلا هذا النهج، وكأن الإنتاج ليس من مزايا التفوق والنبوغ؟!
إننا نكبر الجرأة - والجرأة من مزايا الأديب - ولكن عندما تكون محدودة، مكبوتة النزوات، مكبوحة الأهواء؛ لأن الجرأة المطلقة تهوّر وجنون.
وإننا نجلّ النقد - والنقد عماد الأدب الصحيح - ولكن عندما يكون نزيها لا تحامل فيه ولا طعن.
نود أن يكون الناقد فذّا في أدبه فذاً في رجولته لأننا نربأ به أن يكون طفيلياً يعيش على فتات سواه، لا، بل نربأ بكل من يمت إلى الأدب بصلة أو سبب أن يبني مجده على تقويض زعامة غيره وهدم بنيان سواه.
ليس المنفلوطي بالأديب الكامل، فالأديب الكامل لم يخلقه الله بعد؛ ولا هو سيد الكتاب ولا