للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الكنيسة والدولة في ضل الشيوعية]

للأستاذ عمر حليق

اتجه رأس الحرية السوفيتية إلى المعقل الرئيسي الذي تتركز فيه المعارضة الراسخة المنظمة للفكرة الماركسية والدعوة الشيوعية والتوسع السوفيتي. هذا المعقل هو الكنيسة الكاثوليكية وهي نظام عالمي ثابت الأركان متحد الولاء في مركزية بابوية تعمل في تؤدة وخبرة ودقة طالما اشتهرت بها هذه الرهبانيات الكاثوليكية التي تحمل تراث عشرات القرون من النشاط الديني، وهو في المجتمعات الكاثوليكية مزيج من شؤون الدنيا والدين لا يقتصر على ناحية معينة في المجتمع الذي يعيش في وسطه ولكنه يسعى متعمدا لأن تكون له اليد الطولى في التوجيه الشعبي عن طريق المدارس والسنة الرأي العام والكلمة النافذة في التوجيه الحكومي في الشؤون الداخلية والخارجية بواسطة التكتل الكاثوليكي في الحياة السياسية. ولم تكن الكنيسة الكاثوليكية في يوم من الأيام قاصرة عن تمويل هذا النشاط المحكم لأنها - كما قلت نظام على موفور الموارد يتساند في الملمات ليسعف الأجنحة المهيضة في هيكله الضخم وهو يضم رعية تبلغ حوالي ٤٠٠ مليون من مسيحي العالم

فلا غرابة أذن أن تثير محاكمة الكاردينال ميدزنتي هذه الضجة العنيفة لا في العالم الكاثوليكي فحسب، وله حوالي ثلثي الأصوات في الأمم المتحدة، بل كذلك في الثقافات التي بينها وبين الكاثوليكية في صراع تقليدي عنيف كالبورتستانتية الأنجلوسكسونية والأسكندنافية. ذلك لأن التحدي السوفيتي لا يقتصر على الكنيسة الكاثوليكية في محاربتة للقيم الدينية. وإنما هدفه هذه القيم نفسها في أي مذهب كانت، لأنها في مفهوم الشيوعية: (أفيون الشعب).

ولموسكو طرق متنوعة في صراعها في النظم الدينية. ففي التحاد السوفيتي نفسها، لم تجده الثورة الشيوعية في مستهلها (١٩١٧) صعوبة في القضاء على الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، فقد كانت عناصر التفكك في المجتمع القيصري تشمل الكنيسة، فضلا عن أن الكنيسة الأرثوذكسية ليست عالية وليس لها طبيعة الرسوخ والنفوذ الدولي الذي يمتع به الفاتيكان. ولما تمكنت العقيدة الماركسية في نفوس الجيل الجديد في الاتحاد السوفيتي. لم يجد (البوليت بيريد) في موسكو بأسا من أن يعاد تأليف الكنيسة الأرثوذكسية في كيان

<<  <  ج:
ص:  >  >>