مهداة إلى حضرة صاحب العزة الدكتور عبد الوهاب بك عزام
قانصوه الغورى أحد سلاطين مصر في العصر المملوكي، ولي عرشها زهاء ستة عشر عاما بين سنتي ٩٠٦هـ، ٩٢٢هـ. وكان يوم ولايته كبير السن متأبيا على السلطنة.
وامتلأت أيامه بالحوادث الكبرى في داخل البلاد وخارجها.
وفي أثنائها بلغ نشاط العثمانيين مبلغا عظيما، واتسعت أطماعهم حتى تطلعوا إلى امتلاك البلاد الشامية والمصرية. وقد خرج هذا السلطان الكبير للقائهم بنفسه، ومعه حملة عظيمة الشان. فاستشهد في سبيل بلاده
ويرى القراء الكرام فيما يلي، وتحت العنوان المتقدم، تاريخ هذا السلطان الشهيد، وتاريخ مصر في أيام حكمه.
نقدمه إليهم في أسلوب قصصي فيه تمثيل وحوار يلطفان من خشونة العرض العلمي السافر. وقد جهدنا ما استطعنا في تصوير نزاعات عصره من دينية أو سياسية أو اجتماعية أو أدبية أو علمية، على مقدار ما تحتمله قصة صغيرة.
ولم يلهنا خيال القصة عن تحري وجه الصواب في حقائق التاريخ. ولعلنا بذلك نقدم عملا متواضعا، يسفر منه تاريخ بلادنا العزيزة في حقبة من أهم حقبة
يوم التولية:
ثار المعسكر في وجه سلطان البلاد الملك العادل في آخر يوم من أيام رمضان عام ٩٠٦هـ، حتى اضطر إلى الاختفاء. فسرى الخبر هما بين القاهرين، أن بيعة سلطان جديد ستتم الليلة، إذ يجتمع الأمراء للمشاورة والاختيار. ومن ثم يقومون برسوم التولية في صباح الغد، أول يوم من أيام عيد الفطر.
وما كان أحب مجالس البيعة وأخبارها عند القاهرين، وما كان أبهج حفلات التولية