للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رد على رد]

بين القديم والجديد

لأحد أساطين الأدب الحديث

كنت أقرأ مختارات الشعر التي جمعها محمود باشا سامي البارودي الذي يعد زعيم المذهب القديم في الأدب في العصر الحديث؛ فوجدت أنه قد أختار في باب النسيب مجونا ليس بأقل من مجون الحسين بن الضحاك وأبي نواس الذي أختاره الدكتور طه بك في كتاب حديث الأربعاء بل بعضه أشد منه وبعضه مثله، فاختار لأبي نواس قصيدة قالها يتغزل في شاب جميل كان كاتبا في ديوان الخراج بدليل قوله في القصيدة:

ومر يريد ديوان ال ... خراج مضمخا عَطِرا

وكانت عادة الشعراء في ذلك العهد التغزل في ملاح كتَّاب الدواوين. وفي هذه القصيدة يقسم أبو نواس أن مُرَقَّشاً الشاعر العذري النزعة لو كان حيا لما أحب امرأة بل لأحب ذلك الكاتب المليح: وهذه هي القصيدة كما أوردها البارودي:

أما والله لا أشرا ... حلفتُ به ولا بَطَراً

لو آن مُرَقَّشاً حَيٌّ ... تعلَّق قلبه ذَكَرا

كأن ثيابه أطلع ... ن من أزراره قمرا

بوجه سابريٍّ لو ... تَصَوَّبَ ماؤه قَطَرا

وقد خَطَّتْ حَوِاضُنهُ ... له من عنبر طُرَرا

بعينٍ خَاَلطَ التَّفْتِيرُ ... في أجفانها حَوَرا

يزيدك وجهه حسنا ... إذا ما زدته نَظَرا

واختار البارودي لأبي تمام قطعة قالها في غلام مملوك أهداه إليه الحسن بن وهب فقال:

قد جاءنا الرشأ الذي أهديته ... خَرِقاً ولو شئنا لقلنا (المركب)

والذي اختار هذا الشعر ليس الدكتور طه بك ولا هيكل باشا بل البارودي باشا.

وقد أوردنا قبل الآن اختيار البكري أشياء من مجون ابن الرومي ونشر الشيخ شريف مجونه أيضاً. ولكن الأستاذ الغمراوي ترك البارودي وترك البكري والشيخ شريف واختص الدكتور طه وهيكل. فإذا كان ذلك لأن البارودي عارض قصيدة البردة فقد ألف الدكتور طه

<<  <  ج:
ص:  >  >>