للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[تعقيبات]

للأستاذ أنور المعداوي

الفن والحياة بيني وبين الدكتور طه حسين:

كان للكلمتين اللتين كتبتهما عن (الفن والحياة) على صفحات (الرسالة) أثرهما البعيد عند أديبين كبيرين هما الدكتور طه حسين والأستاذ توفيق الحكيم، فقد عقب عليهما الدكتور في (الأهرام) بكلمة مستفيضة وكذلك فعل الأستاذ الحكيم في (أخبار اليوم).

أما الكلمة الأولى فقد حاول فيها الدكتور أن يرسم الطريق فخانه التوفيق. . . ومعذرة إذا ما بدأت ردي بهذه العبارة لأني لا أعرف في النقد صداقة ولا مجاملة! وأشهد أنني أعجبت كل الإعجاب بروح الدكتور حين بدأ تعقيبه على ما كتبت بهذه الكلمات: (وكذلك تشيع في بيئات المثقفين ألفاظ ظاهرة الوضوح شديدة الغموض (يقصد لفظي الفن والحياة) ومع ذلك يخيل إليهم أنهم يفهمونها حق الفهم فإذا أرادوا تفسيرها لم يحققوا منها شيئاً). . . أعجبت بهذه الكلمات لأن صاحبها قد نسي ما بيني وبينه من صلات الود والصداقة في سبيل إبداء رأي يعتقد أنه الحق، وكذلك أفعل أنا حين أؤكد لقرَّاء (الرسالة) أنني أصبت بخيبة أمل مريرة حين خرجت من مقال الدكتور بحقيقة ناصعة، وهي أن كل ما كتبه حول (الفن والحياة) لم يكن سوى (لخبطة) من طراز ممتاز!!

ولن أعيد اليوم ما قلته بالأمس حول (الفن والحياة) فقد قرأه الناس وعرفوا رأيي فيه، كل ما يهمني هو أن أنقل إليهم تلك الخطوط الرئيسية التي خرجت بها من مقال الدكتور طه حسين، ليروا أينا كان أكثر فهماً لموضوعه وأينا كان أوفر احتشاداً لفنه!

لقد تساءل الدكتور في ثنايا كلمته: هل يتاح للإنتاج الفني أن يبلغ ذروته دون أن يكون هناك اتصال بالحياة العامة الصاخبة أم لا سبيل إلى تلك الذروة إلا إذا اضطرب الكاتب أو الشاعر أو صاحب الفن في كل ما يضطرب الناس فيه من شئون حياتهم اليومية على اختلافها وتنوعها واختلاطها وتعقدها في أكثر الأحيان؟ إن صاحب الفن في رأي الدكتور وكذلك الكاتب والشاعر ليسوا محتاجين إلى أن يعيشوا في أعماق المجتمع لينتجوا فناً تنبض فيه الحياة؛ (فالقراءة والاستمتاع من أخصب المصادر التي تتيح للأدباء وأصحاب الفن أن يتصلوا بالحياة ويسيغوها، وتتيح لهم بعد ذلك أن يصوروها خيراً من الذين يبلون

<<  <  ج:
ص:  >  >>