[من وحي الحرب]
وَدَاعْ!. . .
للأستاذ محمود الخفيف
أفاقَتْ عَلى صَيْحةٍ رَوَّعتْ ... لَدَى سَكرةِ الوصلِ أحلامَها
وَطافتْ بِها النُّذُرُ الغاشياتُ ... تُجَدِّدُ فِي العَيْشِ آلاَمَها
وَكانَ صَفا دَهرُها واغتدَى ... وَضِيَء الملاَمِحِ بَسَّامَها
تهاوَتْ طُيوفٌ تَدَلْت لَها ... مِنَ الخُلدِ في أمْسِها الناعِمِ
تَألُفُ مِنْ لَمحَاتِ الخْلودِ ... ومِنْ رَوْعةِ الأمَلِ الباسِمِ
وَتَنْسِمُ بِالْحُبِّ أنفاسُها ... عَلى عُشِّها الهْانئِ الحالِمِ
أفي وَمْضةٍ تَتلظَّى الجَحيمُ ... وفي خطرة ترجُفُ الراجِفةْ؟
وتمضِي رَحَى الموتِ في ضجَّةٍ ... تَبيتُ القلوبُ لها واجِفَة؟
إذا أوحَشَ البيتُ مِن بَعدهِ ... فمنْ يُؤنِسُ الزوجةَ الخائفة؟
أفاقَتْ عَلى الهَولِ ملْهوفةً ... وَما كَانَ في العيْشِ بِالمنتظرْ
ألاَ شَدَّ ما تَفجعُ النَّائباتُ ... عَلى غِرَّةٍ ساقَهُنَّ القَدَرْ
وَيا قُبحَ مَوقعهُ في النُّفوس ... إذا جَاَء بَعدَ الصَّفاءِ الكَدرْ
وأكدرُ ما كانَ لونُ السحابِ ... إذَا مَرَّ عَارضُهُ بالْقَمرْ
ترَدَّى لِباسَ الوَغى مُعْجلاً ... وَهَمَّتْ لِتثْنِيَهُ ضارِعَهْ
فلا قولَ إلاَّ الدُّموعُ السِّجالُ ... تَفيضُ بِها المُقَلُ الهامِعهْ
وَمَا حِيلةُ الَّلفظِ في موْقفٍ ... تذوبُ بِهِ الأنفُسُ الجازَعه؟
إذا هَمَّ لا يَستجيبُ اللَّسانُ ... وَمَا عَيَّ في مَوْقفٍ قَبلَهُ
وَماذا عَسَى أنْ يقولَ ... وهَلْ تَتأسَّى فَتُصغي لَهُ؟
هُنا الصْمتُ أبلغُ في لحْظةٍ ... توَزّعَ فِيها الأسَى قَوْلَهُ
تَلاَصَقَ قَلباهُما في عِناقٍ ... يَزيدُ الأَسى فيهما والضّنى!
تُلِحُّ وَتَسْأَلُهُ المُستحيلَ ... فَيا لَيْتَها طَلَبتْ مُمْكنا
أهَابَ الحِمى بالشُّبولِ الحُماة ... فَما يَمْلِكُ اليومَ أن يُذْعِنا