للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الأدب العَرَبي

القصة المصرية

للأستاذ جيب. أستاذ الأدب العربي في مدرسة اللغات الشرقية بجامعة

لندن

جاء ابتداء ظهور القصة كفن من فنون الأدب في مصر متأخراً، إلى حد أننا نلتمس العذر لمن يدرس الأدب المصري، إذا هو رجع إلى ما أنتجته من قبل (مدرسة الكتاب السوريين) من الآثار ليبحث عما إذا كان هناك في الأصل علاقة بينها وبين نمو القصة.

وفيما عدا ما يحتمل من أن نجاح القصصيين السوريين قد شجع الكتاب المصريين على إنتاج نوع من القصص يلائم شعبهم، ستبقى (القصة المصرية) وهي موضوع هذا المقال، أثناء البحث مستقلة تمام الاستقلال عن تاريخ القصة السورية.

أما المؤثرات الغربية، فقد ظهرت بوضوح فيما ولى ذلك من الأطوار كما أنها استخدمت استخداما مباشرا، ولكن على الرغم من هذا فان (آداب التسلية) في مصر قد ظلت لمدة طويلة تعتمد على ما خلفه العرب من النماذج الأدبية العالية، والنماذج العرفية التي درج الناس عليها. فلما آن لها أن تتحرر من تبعيتها لتلك النماذج، كان تحررها ببطء وبعد تردد، ومن ثم كان نجاحها في ذلك الاتجاه فردياً موزعا، ولم يكن نتيجة لحركة تطور مستقيمة.

ونحن في الواقع إذا أردنا أن نتحدث عن (نمو) القصة في مصر، فلا بد أن نمد في معنى هذا اللفظ (القصة) حتى يشمل شعبة واسعة من فنون الكتابة يربطها جميعا رباط الخيال القصصي، وإن كان بينها كثير لا يمكننا مطلقا أن نعتبره قصة إذا قصدنا المعنى الحقيقي لهذا اللفظ.

ويعزى تأخر مصر في هذا الميدان، ميدان القصة، إذا هي قورنت بتركيا والهند (وهما المركزان الأساسيان الآخران للثقافة الإسلامية) إلى عدة عوامل أوضحناها في مقال سابق في صدد الكلام عن الأسباب الأدبية، والأسباب التعليمية التي كانت عقبة في سبيل ظهور آداب للتسلية من نوع جديد في مصر. ونستطيع أن نضيف اليوم إلى تلك العوامل أن المصريين وجدوا غنية ومتاعا فيما خلفه العرب من آداب عالية متنوعة، مما لم يكن له

<<  <  ج:
ص:  >  >>