للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ذكرى أدبائنا]

بقلم محمد محمد مكين

كتب الدكتور زكي مبارك في البلاغ ينصح أصدقاء شيخ العروبة بجمع ما تناثر من مقالاته وبحوثه وضمها في كتاب، وخشي في نهاية الأمر أن يلحق بشيخ العروبة ما لحق حافظا وإسماعيل صبري من إهمال ونسيان. وكتب الأستاذ إبراهيم عبد القادر المازني مقالاً أرسله من لبنان يذكر فيه انه خجلان لأن إخواننا السوريين يخلدون ذكرى الأمام الشيخ محمد عبدة ونحن نهمله. وكتب الأستاذ احمد حسن الزيات في الرسالة كلمة بكى فيها حظ الأدب والأديب وما يلاقيان من جحود وإنكار. وكتب الأستاذ محمود الشرقاوي كلمة بمجلة الأسبوع عن المنسيين (من الأدباء) قال في ختامها انه يجب على كل أديب ان يعد نفسه كالذبيح ثم يموت مدحورا لا ينال حتى كلمة الذكر.

فهل يا ترى نستخلص من تلك المقالات إننا استيقظنا وتلمسنا تلك الظاهرة المعيبة - ظاهرة عقوق الأدباء وجحود العباقرة. . .؟ أخشى أن تكون اليقظة يقظة الموت.

نعم مات حافظ فلم نوفه حقه ولم نقم بالواجب نحوه، ووالله إن أبناء العروبة في أمريكا لخير منا ألف مرة، فقد قاموا بواجبهم نحو حافظ وشوقي خير قيام.

ومات من قبله الأديب محمد السباعي وذهب كأنه لم يخلق، وكأنه لم يخلق آثاراً أدبية لو كانت أمة غير مصر لصعدت بها إلى الأوج.

وانتقل إلى جوار ربه المرحوم احمد باشا تيمور، وفضله على الأدب والعلم غير منكور، فماذا قدمناه لإحياء ذكراه؟

ورحل المرحوم إسماعيل صبري عن هذه الدار، وما زال شعره متفرقا لم يجمع في ديوان.

تمضي الأعوام فنحي المنفلوطي بطعنات داميات، ونرمي خير الدين يكن بالمروق، ونتهم جبران بالسخف. ثم ننسى البارودي، وصروف، وجورجي زيدان، وحفني ناصف. ولولا وفاء أبناء دار العلوم لذهب شعر عبد المطلب هباءً منثوراً.

اذكر من سنين قليلة أن أدباء مصر أرادوا الاحتفال بذكرى ابن خلدون فتقاعست همهم، وقام أدباء المغرب على ما اذكر بذلك العمل الجليل. واذكر انهم يتحدثون عن الاحتفال بذكرى المتنبي والمعري. فهل تراهم يفلحون؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>