كلمة حضرة صاحب المعالي الدكتور طه حسين باشا وزير المعارف في الاحتفال الذي أقيم يوم الخميس ٢٢ نوفمبر سنة ١٩٥١ بوزارة المعارف، لمنح الدكتوراه الفخرية في القانون لزعيم إيران الدكتور محمد مصدق من جامعة فؤاد الأول.
سيدي صاحب الدولة الرئيس
يسعدني أن أستقبلك في هذا المكان باسم جامعة فؤاد الأول ويسعدني أن أستقبلك عضوا في جامعتنا، فقد شرفت جامعتنا بانضمامك إليها. لأنك خليق أن تشرف كل هيئة تنضم إليها لأشياء كثيرة.
أولها أنك تمثل الشعب الإيراني العظيم، وللشعب الإيراني العظيم مكانته الممتازة بين الشعوب، فهو من هذه الشعوب القليلة جدا التي استطاعت أن تقهر الزمان وأن تقهر التاريخ. كان لها حظها من تشييد الحضارة حتى بلغت من ذلك أرفع درجات المجد. ثم كان لها حظها من مقاومة الخطوب حتى أصبحت مثلا يضرب للشعوب الحديثة. اختلفت عليها الخطوب الخطيرة الشديدة، وتعاقبت عليها المحن المهلكة المضنية، ولكنها صبرت وصابرت، وثبتت وقاومت وانتصرت آخر الأمر على كل خطب، وتغلبت آخر الأمر على كل صعوبة. وذلك آخر الأمر كل عقبة، واستردت سيادتها في قوة وعظمة ومجد خليقة بالفخر والإكبار.
هذه الشعوب التي قاومت وانتصرت وقهرت التاريخ قليلة؛ أذكر منها شعبك العظيم، وأذكر منها شعبنا هذا المصري الذي تشرفه بزيارتك في وقت من أشد أوقاته خطورة وصعوبة. فلو لم يكن بين شعبك وشعبنا إلا هذه الخصلة خصلة الصبر والاحتمال والمقاومة والظفر والانتصار آخر الأمر، لكنت خليقا أن تشرفنا بانضمامك إلى أسرتنا. ثم إنك تمثل هذا الشعب الإيراني العظيم الذي شارك بأعظم قسط ممكن في تشييد الحضارة حتى حار المؤرخون أي الشعبيين أعظم خطرا في تكوين هذه الحضارة. . أهو الشعب العربي الذي أهدي إلى العالم لغته العربية، وبشر العالم بالدين الإسلامي الحنيف؟ أم هو الشعب الإيراني الذي تلقى هذه الهدية فتقبلها راضيا مسرورا، ونماها مجاهدا في سبيل تنميتها والدفاع عنها، حتى كان هذان الشعبان العظيمان صاحبي الفضل الأول في تأسيس هذه الحضارة