للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الرسالة]

في عامها الثاني عشر

في بصيص من الأمل يلمع في دياجي الآفاق استهل عامنا الوليد!! وهذا البصيص قد لاح من الشرق أيضاً من صحراء لوبيا! ولصحاري الشرق أسرار يبوح بها القدر كلما قضى الله أن يخرج العالم من ظلمة إلى نور! ولرب السموات والأرض نظام يدبره على مقتضى أمره. فلا الزلزال ولا الإعصار، ولا الحديد ولا النار، ولا الدمار والموَتان، ولا الجبروت والطغيان، ولا النارَّية النازَية، ولا الفاشيَّة الفاشِيَة، تستطيع وإن تظاهرت أن تعقب على حكمه، ولا أن تبدل ما سبق في علمه.

كان العالم كله في النصف الأول من العام الذاهب يتيه في يِدٍ قواتم الأعماق من مجاهل الأرض، نجومها رجوم، وآفاقها غيوم، ورياحها سموم، ومسالكها لغوم، وهواتفهاِ جنة. وكانت الوحوش النازية تزأر في جنباتها السود فتردد زئيرها الرعود، وتنزل بوعيدها الصواعق. ثم أراد مالك الملك ألا يشركه في ملكه أحد، فبدا في غياهب (العلمين) ودياجي (ستالنجراد) شعاع من نوره، فإذا الظلام يشف والطريق يستبين وإذا اليأس يتحول رجاء، والزئير ينقلب عواء، والمارد الجبار يعود إلى القمقم، والتنين الخرافي يرتد مثخناً بالجراح إلى قفصه الهائل، وقد شرع مخالبه الكثيرة بين قضبانه الطوال الغلاظ ليعوق القدر الهاجم ويؤخر الأجل المحتوم!

في هذا الشعاع الإلهي الذي هدى المجوس ليلة ميلاد المسيح، وضلل المشركين يوم هجرة محمد، ثم عاد فبين للإنسانية نسم الطريق في معامي هذه الحرب، تستقبل (الرسالة) عامها الثاني عشر، وهي باعتبارها لساناً من ألسن الإصلاح الإنساني تجد بهذا التحول الحربي والسياسي روحاً وغبطة: ترتاح لأن تباشير النصر تكاد تنبئ عن سلام رخي يرد الوئام على الناس ويعيد النظام إلى الدنيا؛ وتغتبط بعقبى هذه الحرب التي لا نعت لها في لغات الناس إذا استطاعت نارها التي لم تخب ساعة في أربع سنين أن تنفي خبث الغرائز عن العصر السماوي في ابن آدم المسكين. وما أسعد الإنسانية جمعاء إذا عوضها الله من ملايين الأنفس التي أزهقت، ومن قناطير الذهب التي أنفقت، ومن آلاف المدن التي أحرقت، تلك الأماني العذاب التي اشتمل عليها ميثاق الأطلسي، وعبرت عنها حريات رزفلت!

<<  <  ج:
ص:  >  >>