قامت في كلية الآداب بالجامعة المصرية مناظرة بين طائفتين من طلبة الكلية وطالباتها حول الغاية التي تتعلم من أجلها الفتاة: أهي تتعلم لتزاحم الرجل في ميدانه، أم لتشق طريقها لنفسها في الحياة؟ والمقالة التالية هي كلمة الآنسة الأديبة زينب الرافعي في هذه المناظرة، ولها كانت الغلبة. والآنسة زينب هي كريمة الفقيد المرحوم مصطفى صادق الرافعي
رجل وامرأة: هذه قسمة الطبيعة، فهل كانت عبثاً؟
رجل وامرأة: هما العنصران اللذان تتكون منهما الإنسانية، فهل أخطأت الطبيعة حين جعلت معنى الإنسانية يتكون من عنصرين لا عنصر واحد؟
عجباً! إن الإنسان لا يمكن أن يقهر الطبيعة وهو جزء منها، لأنه خاضع لسلطانها، لأنها بقوانينها الصارمة تسيطر عليه وتوجهه وجهته من غير أن يكون له اختيار
إن القوانين لا توضع لمصلحة فرد واحد، ولكنها تشرع لمصلحة الجماعة عامة، والقانون الذي فرضته الطبيعة على البشرية أن الإنسانية اثنان: رجل وامرأة، فكيف تريدونه على ذلك التفسير الخاطئ حين تقولون إن الإنسانية رجل ورجل: رجل له شارب ولحية، ورجل ناعم أمرد. . .
اذكروا لي إنساناً واحداً يستطيع أن يقول بعقل: لماذا يمشي الناس على أرجلهم ولا يمشون على أيديهم؟ قد تكون الأرجل أقوى وأشد صلابة من اليدين، وهي بذلك أقدر على عمل الأيدي، ولكن الطبيعة خلقت الرجلين ليمشي بهما من يريد أن يمشي، وخلقت اليدين لتعمل؛ فما أحمق من يتخيل إنساناً يستطيع أن يجعل رجليه لغير المشي ويديه لغير ما تعمل اليدان! هكذا خلقت الطبيعة الإنسان، والطبيعة قانون عام مطاع لا يجدي أن يتمرد عليه متمرد. . .
ولكن تعالوا حدثوني حديثكم عن المعنى الذي تريدون حين تزعمون أن من حق المرأة أن تنافس الرجل في ميدانه، وأن تضطلع بما يضطلع به من العمل؟
أتريدونها أن تحمل الفأس، وتجري خلف المحراث، وتحرس قنطرة الترعة، وتمهد السكك