[دمعة على محمد إسعاف النشاشيبي:]
كل أرض ضمتك فهي وساد
للأستاذ محمد عبد الغني حسن
يستوي الموتُ في المكان النائي ... ومكان الأجداد والآباءِ
يا غريب الممات ما نحنُ إلا ... غرباء في منزل الغرباءِ
كلُّ أَرض ضمتكَ فهي وسادٌ ... يستوي عندها مصيرُ الفناءِ
من دعته منيةٌ لبلاد ... مات فيها إجابةً للنداءِ
قدَرٌ حائن على المرء لم ينْ ... أقريبٌ عنه ولم ينجُ نأئي
من تفته المنونُ في بأساء ... لم تفته المنونُ في النَّعماءِ
أَخطأتك الأقدارُ والبأس يغلي ... في فلسطين والحمى في دماءِ
وأصابتك في مكانٍ أَمين ... رُبَّ أَمْن يجذُّ حبل الرَّجاءِ
لم تمت ميتة الجبان ولكن ... متَّ في العلم ميتة الشهداءِ
كُنت في ساحة العروبة سيفاً ... من نفاذ ومُنصلاً من مضاءِ
لم تُجاهد بالسيف فيها ولكن ... كُنت فيها مُجاهد الآراءِ
رُبَّ فكر أمضى من السيف في الذَّو ... د ورأىٍ أحمى من الهيجاءِ
حاجة الشرق للسيوف المواضي ... مثلُ حاجاته إلى العلماء. . .
لغة الضاد رُوِّعت فيك لما ... فقدت فيك واحد الأُدباءِ
كنت صدر الرُّواة في مجلس القو ... م وشيخ التقات في الأنبياءِ
كنت جيلا من الرواية ولىَّ ... بعد جيل الرُّواة والقرَّاءِ
وزماناً في الحفظ غير خلاء ... ومكاناً في الفضل غير خواءِ
حافظاً للتراث في غير زهو ... كاختيال الغبيّ أو خُيلاءِ
كنت تروى كقارئ من كتاب ... عصبىَّ البيان فخم الأداءِ
تنشر المكرمات من عهد عدنا ... ن وتحي مكارم الصحراءِ
وتعيد الحديث عن كل ماض ... حافل بالفخار والعلياءِ
كُنت تتلوهُ في اعتزاز المباهي ... وافتخار البنين بالآباءِ