(. . . نعلم ما كتبتموه، عن العلاقة بين كبرياء المتنبي وولعه بالتصغير في الهجاء، وإنه أكثر ما يُرى مصغراً حين يهجو مغيظاً مخنقاً أو يستخف متعالياً محتقراً كما يقول عن كويفير والخويدم والنويبية والأحيمق والأعيّر والشويعر وأهيل والزمان وأهيل العصر إلى آخر هذه الأمثلة التي أكثرتم من ضربها
وقلتم (أنه إذا لم يصغر المهجوّ باللفظ صغره بالمعنى، فكان أعداؤه اللئام عنده شيئا قليلا كما قال:
يؤذي القليل من اللئام بطبعه ... من لا يقلكما يقل ويلؤم
وإنه قد يلعب بهذا الإحساس المائل في نفسه على الدوام لعب المرء بعادة مغروسة فيه فيتخذ منه نكتة نحوية كقوله
على ذكر ابني عضد الدولة:
وكان ابنا عدو كأثراه ... له ياءي حروف أنيسيان
يريد أن يقول: إذا كاثر العدو عضد الدولة بابنين كابنيه فجعل الله ابني العدو كياءين تضافان إلى كلمة إنسان فتزيدانه في عدد الحروف وتنقصانه في القدر.
ثم قلتم: وهذا غير غريب من رجل شديد الإحساس بالصغر واعتاد التصغير باللفظ وعرف عنه إدمان الاطلاع على كتب النحو).
(وقد اطلعنا أخيراً على مقالة في مجلة الثقافة لبعضهم يقول فيها: إن هذا من طغيان النفسانيات على الأدب، وأن التصغير في شعر المتنبي لم يكن لتكبره وإنما هو أداة من أدوات الهجاء يعرفها شعراء هذا الفن في الأدب العربي وفي غيره من الآداب: أداة لصيقة بفن أدبي بذاته لا وليدة لطبيعة نفسية عند من يستخدمها، وليست هناك رابطة تلازم بين التكبر والتصغير حتى ولا في شعر المتنبي نفسه لأنه قد يستخدمه للتعظيم كما قال:
أحاد أم سداس في أحاد ... لييلتنا المنوطة بالتنادي
إلى آخر ما جاء في مقالة الثقافة.
فهل لكم أن تدلوا برأيكم في تعقيب الكاتب لأنه تفسير لرأيكم وفيه بيان لمسألة من مسائل