النفسيات والأدب؟. . . الخ)
محمد جابر
والذي نراه في التعقيب الذي أشار إليه الأديب أن استعمال التصغير للتعظيم لا يبطل استعماله للتحقير، وأن صيغة التصغير ليست أداة لصيقة بكل هجاء كما جاء في مقال الكاتب بمجلة الثقافة، فلا يزال استخدام المتنبي هذه الصيغة بتلك الكثرة التي لم تعهد في شعر غيره أمراً يرجع إلى خلائقه الشخصية ويرجع البحث فيه إلى النفسيات التي لا انفصال بينها وبين الأدب، لأن الأدب قبل كل شيء تعبير عن شعور، وليس أولى من النفسيات بالبحث في كل شعور.
فليست صيغة التصغير أداة لصيقة بالهجاء، ولم نرها قط بهذه الكثرة في أشعار الهجائين المنقطعين لهذا أو المشهورين به قبل سائر الأبواب.
والمتنبي لم يكن من شعراء الهجاء المشهورين به في اللغة العربية، وإنما اشتهر به شعراء آخرون كالحطيئة وجرير والفرزدق ودعبل وابن الرومي على التخصيص.
فلم لم يكثر التصغير في أشعار هؤلاء الهجاءين؟
ولم كان المتنبي منفرداً بهذا الإكثار؟
مرجع الأمر إليه لا إلى الهجاء، وأقرب شيء أن يخطر على البال أنه صبغ هجاءه بصبغته النفسية فأختلف من هذه الناحية لأنها هي ناحية الاختلاف بينه وبين غيره من الهجائيين
على أن الهجاء ضروب وليس ضرب واحد في اللغة العربية أو فيما عداها من اللغات
ومرجع الأمر في تعدد ضروبه إلى تعدد النفوس وتعدد الأمزجة وتعدد الشعور الذي يشعر به الهاجيِ نحو من يهجوه
فهناك هجاء الرجل الوضيع المهين
وهناك هجاء الرجل المتكبر العزيز
وهناك هجاء الرجل المهذب الشريف
وهناك هجاء الرجل المتوقح البذيء
وهناك هجاء التهكم والسخرية، وهجاء العنف واللدد، وهجاء النقد وهجاء الإيذاء