للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من مشاكل التاريخ]

طبيعة الفتح الإسلامي

للأستاذ خليل جمعة الطوال

(تتمة ما نشر في العدد الماضي)

يقول درمنغهم في كتابه حياة محمد: (. . . . وكان محمد يفضل اهتداء رجل واحد إلى الله على جميع غنائم الدنيا)

وهل في تاريخ الحروب والأديان وصية بلغت من السمو الإنساني مبلغ هذه الوصية التي أوصى بها النبي (صلى الله عليه وسلم) معاذ بن جبل الأنصاري حين سيره على رأس وفد إلى اليمن، وقال له: (يسر ولا تعسر، وبشر ولا تنفر، وإنك ستقدم على قوم من أهل الكتاب يسألونك ما مفتاح الجنة، فقل شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له)

تلكم هي ضالة المسلم المنشودة بعد أن تجرد قلبه من حب المال، ومتاع الدنيا. وتلكم هي الطريق إلى هذه الضالة: شهادة فلجت الشرك، وإيمان زعزع الأصنام

الجنة هي ضالة المسلم التي أخرجته إلى ربه مجاهداً للحصول عليها. الجنة التي لا تشرى بالصكوك، والتي لا تنفع فيها الأموال. الجنة التي ليس في استطاعة بشر أن يلجها وإن غفر له جميع أهل الأرض، إلاَّ أن يكون مؤمناً بالله، وبرسله والأنبياء، الجنة التي ليس للمرء فيها أن يغفر لأخيه، وأن يحل ذنوبه وخطاياه، إلا أن يغفر له الله وهو خير الغافرين

أسر المسلمون في غزوة بني المصطلق عبد الله بن أبي، وحاول عمر بن الخطاب قتله، فقال له الرسول (ص): فكيف يا عمر إذا تحدث الناس وقالوا إن محمداً يقتل أصحابه. . .

ثم سمع ابنه عبد الله بن عبد الله بن أبي عزم ابن الخطاب، فجاء النبي (ص) وقال له: بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أبي فيما بلغك عنه، فأن كنت فاعلاً فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه فوالله لقد علمت الخزرج ما كان بها من رجل أثر أبر بوالده مني. وإني لأخشى أن تأمر به غيري فيقتله فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل أبي يمشي في الناس فأقتله فأقتل رجلاً مؤمناً بكافر فادخل النار.

فقال له الرسول: إنا لا نقتله بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا

<<  <  ج:
ص:  >  >>