فكرت اللجنة القانونية والثقافية بالجامعة العربية في عدة مشروعات ثقافية وقانونية، يعود نفعها الجم وخيرها العظيم على الأمم العربية والإسلامية، بل إن هذا الخير يتجاوز هذه الأمم إلى سائر أمم العالم، ومنها أمم أوربة التي ضربت بسهم وافر في العلوم الإنسانية والمدنية والثقافية القانونية.
وكان من خير تلك المشروعات وأسدها وأعظمها نفعا وأبعدها أثراً ما أشارت به من إنشاء معهد للفقه الإسلامي يكون تابعا للجامعة العربية به إحياء تالد مجده، وبعث الدفين من كنوزه الثمينة وجواهره النفيسة، وفيه ينشأ الباحثون وتغرس فيهم ملكة الفقه والتشريع، والبحث والتحليل، فيخرجون علماء نافعين، وفقهاء باحثين، يجمعون وينظمون ويحسنون العرض والتبويب، ثم لا يلبثون أن يكونوا رجال ترجيح واجتهاد، وبذلك يحيون عهد سلافهم الأولين وأئمتهم المجتهدين.
فكرة - لعمر الحق - ما أجل خطرها، وما أعظم أثرها، ثلجت لها نفوس المؤمنين، وبهجت بها أفئدة المصلحين - قوى الله رجال الجامعة وأمدهم بروح منه، حتى يحققوا هذه الأمنية، فتنتصر الشريعة الإسلامية، وتتبوأ مكانها الرفيع بين شرائع الأمم الأخرى.
وإنهم بذلك العمل الجليل لجديرون.
وقد رأيت - بهذه المناسبة - أن أبين - فيما يأتي - كمال هذه الشريعة وخلودها، وأن أدفع ما وجه إليها من شبهات:
وفاء الشريعة الإسلامية بحاجات الأمم في كل عصر:
الشريعة الإسلامية أعدل الشرائع وأحكمها وأقواها أركانا وأرسخها دعائم، وأبقاها على تناسخ القرون والأحقاب، فهي باقية ما بقيت الحياة الدنيا، لا مبدل لها من دون الله ولا ناسخ، وهي يسر ورحمة، وحكمة ونعمة.
أساسها رعاية المصالح ودرء المفاسد، وغايتها إسعاد البشر في معاشهم ومعادهم. ولا غرو فهي قبس من نور هداية الله، ومشتقة من سنا وحيه، ووذيلة مجلوة انعكست فيها سمات