الشبان عندنا منصرفون عن كتب الأدب، وفيها زاهدون بل إن طلبة الجامعة ينظرون شزراً إلى قسم اللغة العربية، ويركبونه - غفر الله لهم - بالدعاية والسخرية.
ولا غرابة في ذلك فإننا لم ننشئهم تنشئة تطبعهم على احترام لغتنا القومية، وحب هذا التراث القيم من نظم ونثر. اجل!
لقد أهملنا تغذية عقول أطفالنا إهمالا شنيعاً في حين أن الأمم الأوربية اهتمت بهذا النوع من التأليف أنفقت في سبيل ذلك أموالاً طائلة.
١ - فرنسا:
وكانت فرنسا اسبق هذه الأمم إلى إخراج كتب للأطفال. ففي القرن السابع عشر جلس على عرش تلك البلاد الملك العظيم لويس الرابع عشر.
وفي عصره ظهر عدد كبير من الكتاب والشعراء، وألفت مسرحيات رائعة، ونهض غير واحد من الكتاب بالتأليف للأطفال، ونخص بالذكر منهم (بيرو) الشاعر المعروف والعضو بالأكاديما الفرنسية، فقد اخرج بعض القصص بأسلوب سهل وعبارة جذابة، بيد أنه استنكف أن ينسبها إلى نفسه فنحلها ابنه. ثم اخرج مجموعة (أقاصيص وحكايات الزمان الماضي) باسمه هو لا باسم أبنه كما فعل من قبل.
ومضى بعد وفاة (بيرو) زمن طويل لم يعن فيه أحد بإخراج شئ من أدب الأطفال حتى جاء القرن الثامن عشر فظهرت (لبرنس دى بومون) وكانت تزاول تعليم الأطفال في فرنسا فكتبت عدداً عظيماً من القصص، ولعل من أهمها قصة (مخزن الأطفال) ولكنها لم ترزق خيالاً واسعاً ولا أسلوباً قوياً، فلا عجب ان اندثرت حكاياتها ولم يبق منها شيئاً يذكر.
وفي ذلك القرن ظهر (جان جاك روسو) ونشر آراءه في تعليم الأطفال وتربيتهم فآمن بها كثيرون في فرسا وغيرها من البلدان. فقامت (مدام دي جلنس)(١٧٤٦ - ١٨٣٠) بتأليف كتب كثيرة للأطفال. وكانت تسير في تعليمهم على مبادئ (روسو). ولم تعن بتربية الخيال عندهم ولكنها حرصت حرصاً شديداً على سلامة أخلاقهم.
وظهر بين عامي (١٧٤٧١٧٩١) أديب كبير منح الأطفال قسطاً كبيراً من عنايته فأنشأ لهم