(ويدْعُ الإنسانُ بالشرَّ دعاءَه بالخير وكان الإنسانُ عجولا، - وكان الإنسانُ كَفورا - وكان الإنسانُ قَتورا - وكان الإنسانُ أكثرَ شيءٍ جدَلاً - وخُلِق الإنسانُ ضعيفاً - قُتل الإنسانُ ما أكفره - يا أيها الإنسانُ ما غَرَّك بِّربك الكريم - وإذا أنعمنا على الإنسان أعرضَ ونأى بجانبه - وإذا مسَّ الإنسانَ الضرُّ دعانا لجَنْبه أو قاعداً أو قائماً، فلما كشفْنَا عنه ضُرَّه مَرَّ كأنْ لم يَدْعُنا إلى ضُرٍ مَسَّه - وإنا إذا أذقْنا الإنسانَ منا رحمةَ فرح بها وإن تُصِبْهم سيئةٌ بما قدمتْ أيديهم فإنّ الإنسانَ كفور - إن الإنسان لكفور مبُين - إن الإنسانَ خُلق هَلوعا، إذا مسِّه الشرُّ جَزوعا، وإذا مسّه الخيرُ منَوعا إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون. - إن الإنسان لكنود - كلا. إن الإنسان ليطغى إن رآه استغنى).
كلام من هذا يا أخي يا عبد المنعم؟ أفبعد قول الله مقال لقائل؟ وإذا كان الله الذي خلق الإنسان على أحسن تقويم، وكرمه وعلمه البيان يقول إنه ضعيف هلوع جزوع من الشر منوع للخير، منكر للنعمة، كفور قتور كنود عجول جدل، يطغى إذا استغنى، وان هذا كله في طبيعته وتركيبه. تريد أن أؤمن به؟ وبم أؤمن؟ إن هاهنا محذوفا لابد من تقديره، فالأيمان هو التصديق، ونحن إذ نؤمن بالله نصدق بوجوده وكماله واتصافه بكلأ صفة خير، وننزهه عن كل صفة شر، فبماذا تريدني أن اصدق حين أؤمن بالإنسان؟ أبكماله النسبي وسموه وانه مخلوق خير؟
إذا كان هذا هو المراد فأنا أؤمن. . . ولكن بالإنسان الذي أصلح إنسانيته بالإيمان والعمل الصالح. فإذا لم يفعل عادت هذه الإنسانية خسرا لصاحبها ووبالا عليه، وكانت (حمارية) الحمار و (كلبية) الكلب، خيرا من هذه (الإنسانية) في الدنيا، وأنجي منها من العذاب في الآخرة. ولست أنا الذي يقول هذا الكلام، وليس هذا رأيا أراه، ولكنه قول ربك الذي اقسم عليه ورب الإنسان: والعصر إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر).
فإذا كنت تؤمن بالإنسان الذي أدرك ما خلق له فسعى إليه، وعرف الله فأطاعه، فأنا معك، وإذا كنت تؤمن بالإنسان من حيث كان أنسانا، فلا يا أخي. آني لم أجد دواعي هذا الأيمان.