وصل الفائت: بنى ريد رئيس بعثة الحمى الصفراء ومساعده كارول بيتا صغيرا وأناما فيه ثلاثة رجال، الطبيب كوك والجنديين فوك وجرنجان، أناماهم في اقمصة الموتى بالحمى وفي دمائهم، فلم تصب الحمى أحدا منهم. إذن فالحمى لا تنتقل من ثياب المرضى ولا من قذرهم، وأنما من البعوض. وخشية أن تكون الحمى لم تصبهم لأنهم بطبيعتهم حصينون، حقنا أحدهم بدم مريض، وسلطا على الآخر بعوضة وبيئة، فجاءت الحمى كليهما
- ٥ -
وبينا هذه التجارب تجري كان رجل غير جندي من أهيو كاسف البال حزينا. هذا جون موران الذي أنتصب له ريد قائما ورفع له يده بالسلام. تذكر انه تطوع (في سبيل العلم والإنسانية) ورفض بتاتا أن يأخذ أجرا، وقرصته بعوضة الحمى ذات الأقلام الفضية البيضاء، وبعد ذلك قرصته مرارا بعوضات مختارات تحمل السم نقيعا في بطنها، ولكنه صمد وا أسفاه لكل هذا وظل صحيحا سليما. فحار ريد ماذا يصنع به
ثم أسعده الخيال فقام فبنى له بيتا صغيرا ثانيا إلى جانب ذلك البيت الكريه الأول، وكان هذا البيت الجديد على نقيض جاره القديم. فكانت له نوافذ في قبالة الباب حتى يجري فيه الهواء، وكان باردا، وكان به سرير لطيف نظيف عقم فراشه بالبخار. وعلى الجملة كان منزلا ترضاه الصحة غاية الرضاء، فكأنما بني خصيصا لمسلول يعيش فيه ليطيب؛ وأقام في وسط البيت سترا من ثوب شف دقيق ضاقت فروج نسجه فلا تأذن لأصغر بعوضة أن تنفذ منها. ونال الستر من البيت عدا الحائطين سقفه وأرضه
وفي اليوم الحادي عشر من ديسمبر عام ١٩٠٠ في الساعة الثانية عشر ظهرا دخل البيت موران بعد استحمام، وليس عليه من الثياب غير قميص فضفاض للنوم؛ ومضت خمس دقائق، فجاء ريد وكارول بوعاء من زجاج فتحاه في البيت فخرج منه خمس عشرة من