بعوضات أنثيات عطشى تطن حنينا إلى شربة من دم. وكانت كل واحدة من هذه الخمس عشرة شربت في أيام مختلفات قبل هذا من دم صبية صفر الوجوه في مستشفى لاس انيماس
دخل موران إلى هذه الحجرة النظيفة الصغيرة بعد استحمامه في قميص واحد ورقد على سريرها النظيف وانتظر القدر الذي يكون. هذا موران، فهل يسمع به أحد من الناس الان؛ وبعد دقيقة طن البعوض حول رأسه. وبعد دقيقتين قرصه البعوض. وفي ثلاثين دقيقة كنت تراه راقدا سطيحا وفي جلده عدة وخزات وخزها إياه البعوض وهو صاغر مستسلم لا يؤذن له حتى شفاء غليله بدق هذا البعوض
وعاد للقرص في منتصف الساعة الخامسة من نفس اليوم، وعاد إليه مرة ثالثة في غد اليوم ليعطيني الفرصة لإناث البعوض التي لم تعثر عليه فتعضه، لتعثر عليه وتعضه حتى تشتفي منه. وكان إلى جانب موران في النصف الآخر من البيت شابان يعيشان فيه لا يفصلهما عن موران وعن بعوضه غير الستر الشفاف، وعاشا في هذا النصف ثمانية عشر شهرا في سلام
آما موران ففي صبيحة عيد الميلاد من عام ١٩٠٠ استقبله العيد بالهدايا آلاتية: وجع ينبض في رأسه، وحمرة في عينيه يزيدها نور الشمس ألما، وهمود بلغ منه حتى عظامه؛ لقد هده البعوض شر هدة، وأطاح به حتى كان من الموت على قيد شعره؛ ثم آخذت الأقدار بيده فحمد الله ريد على انه اشتفى، ولكنه اشتفى ليعيش في خمول ذكر ما استحقه أبدا، وعلى كل حال فقد نال أمنيته - في سبيل العلم والإنسانية؛ والنتيجة انه هو وفوك وجرنجان وكوك وكل من تطوع معهم أو أوجر، كل هؤلاء اثبتوا أن البيت الأول بيت الكرب والهول خلا من البعوض فخلا من كل خطر برغم قذره، وأن البيت الجميل النظيف الثاني دخل إليه كل خطر برغم أناقته ونظافته. ووقع ريد أخيرا على جواب كل سؤال في معضلته الكبرى، وكتب في أسلوبه العتيق يقول:(إن أول شرط يجب توفره في بناء ليكون وبيئا بالحمى الصفراء أن يحل فيه بعوض عض من قبل مرضى بالحمى الصفراء)
كلمة ما ابسطها. وكلمة ما اصدقها. وانتهى الأمر وكان ما كان. وكتب ريد إلى زوجه: (أن الدعاء الذي بت أدعو الله إياه عشرين عاما: أن يكون من نصيبي بطريقة ما وفي وقت ما