أن اخفف عن الإنسان شيئا من شقاء الإنسان، هذا الدعاء قد استجابه الله! وهذا العام الجديد يطل علينا، فآلف عام وآنت بخير يا عزيزتي. . . أنصتي! أنصتي! هؤلاء عشرون بواقا ينفخون أبواقهم معا يسترقدون العام القديم)
أم هم ينفخون أبواقهم تحية لازار! أم هم ينفخون أبواقهم احتفالا بالحمى الصفراء أن أمكن محوها من على ظهر الأرض! آم ينفخ هؤلاء الموسيقيون أبواقهم إنذارا بالقدر الخبيء الذي لن يلبث أن يجيء أفراد هذه البعثة الصغيرة بعيد ساعة نصرها بقليل. . .
- ٦ -
وجاءت الدنيا إلى هبانا، وهتف هناك لريد. وجاء العلماء إلى هبانا واشتركوا في نقاشهم العابس وفي التساؤل والتشكك المعهود. ثم جاء وليم كروفورد جرجاس وكان رجلا مثل ريد لا يعاب، جاء إلى هبانا يتدرب استعدادا لصنيعه الأكبر الاخلد في بنما فدخل إلى ميازيب هبانا وإلى مجمعات مراحيضها والى أحواض مائها وشن فيها الغارة على البعوضة الاستيجيوميويه، وفي تسعين يوما خلصت المدينة من الوباء لأول مرة بعد قرنين فلم تقع فيها إصابة واحدة من الحمى الصفراء. انقلاب كأنه السحر، ولكن مع هذا بقي الشك يساور الأطباء والعلماء والنطاسيين ذوي اللحى العبوسة، في أوربا وأمريكا، فظلوا يسألون عن هذا، ويعيدون الكرة على هذا، فعل الذي لم يطمئن قلبه. . . وذات صباح دخل خمسون من هؤلاء الشكاكين بيت البعوض المذكور واخذوا يقولون:(أن هذه التجارب بارعة جميلة، ولكن نتائجها يجب أن تمحص وتوزن من غير عوج أو ميل. . .). وبينا هم فيما هم انكشف غطاء وعاء به بعض انثيات البعوض، انكشف بالطبع اتفاقا، فخرجت البعوضات منه وذهبت قدما إلى وجوه هؤلاء العلماء تطن طنينا وفي عيونها بسمة الخبيث ولهفة الجوعان. فوا حسرتاه على العلماء الإجلاء! طار الشك من قلوبهم، كما طارت أرجلهم بهم - إلى الباب. وارتد الستار بينهم وبين البعوض بقوة صاخبة تحكي عن قوة اقتناعهم بالذي قال ريد. ثم اتضح الأمر فإذا بالبعوض لم يكن لوث بالحمى
بعدئذ جاء جرجاس، وقد سبق ذكره، وجاء معه جون جتراس وكان كوبيا عمدة في الحمى الصفراء، وكانا كلاهما اقتنعا في الذين اقتنعوا بالتجارب التي أجريت في معسكر لازار، فاختطا الخطط لتطبيق نتائج هذه التجارب. وكانت خططا جميلة، ولكنها كانت مع