نشرت (الرسالة) في عدد مضى كلمة موجهة إليّ نعيد نشرها هنا للتعقيب عليها وهي:
(كثير من الأدباء يتهمون إخوانهم بالأنانية وحب النفس، فأدباء الشيوخ الذين يحتكرون ميدان الأدب لا يبذلون أي جهد في تسديد خطى الشباب الناشئ، ولا أعرف السبب الذي يمنع أديباً مثل الأستاذ العقاد من تأليف كتاب عن الشعراء الناشئين الذين يدل شعرهم على نبوغ وعبقرية مثلما فعل الشاعر الإنجليزي المعروف و. ب يتس الذي كتب عن روبرت بردج، وولتر دي لمار، وهيلار بلوك، وليونيل جونسون، وأرنست دوسون، في مؤلفه كتاب أوكسفورد للشعر الحديث
فشيوخ الأدب في أوربا لثقتهم بأنفسهم وحبهم لفنهم وإخلاصهم له يسددون خطى الأدباء الناشئين ويشيدون بذكر الموهوب منهم. فما رأي الأستاذ العقاد في هذا الموضوع؟. . . الخ الخ)
كمال الدين نشأت
وفي هذه الكلمة الموجزة كثير من الخطأ الذي يشيع بين بعض المتأدبين الناشئين ولا ينفرد به صاحب السؤال وحده، كما لاح لي من بعض الرسائل والأحاديث، أو مما تكتب الصحف في هذا المعنى، وهو خطأ يحتاج إلى تصحيح؛ وتعتقد أن تصحيحه هو أنفع وجوه التسديد التي ينشدها صاحب الخطاب.
فمن الخطأ (أولاً) أن يشايعهم صاحب السؤال على دعواهم أن أدباء الشيوخ يحتكرون ميدان الأدب لأنهم يظهرون من حين إلى حين بمقال في صحيفة أو بكتاب جديد يؤلفونه أو يجمعون فيه ما سبق لهم نشره من المقالات
فلا معابة على الأدباء الشيوخ أن يصنعوا ذلك، بل المعابة ألا يصنعوه وهو واجبهم المفروض عليهم. وقد يعاب عليهم مع ذلك أنهم قليلو الإنتاج بالقياس إلى ما ينبغي لهم أو ينتظر منهم. وإنما يعذرهم أناس لأن جمهور قراء الأدب عندنا لا يقبلون على المؤلفات إقبالاً يملي للكاتب في أسباب المثابرة ومتابعة التأليف، ويلومهم أناس لأنهم يجهلون العقبات التي تحول دون الانقطاع للكتابة الأدبية في بلانا الشرقية.