للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الإسلام عدو الشرك والنفاق]

للأستاذ محمد عبد الرحمن الجديلي

رأى المشرع الإسلامي: أن يُبقى على فريضة الحج، والحج معروف في تضاعيف الزمان ومن أقدم العهود، أبقى عليه المشرع الإسلامي إبقاءً مهذباً مطهراً خالصاً من أدران الشرك ومن دنس الاعتقاد الرجس. أبقاه الإسلام، بعد أن افرغ عليه من جلال التوحيد، وأفاض عليه من معاني التقوى ما جعله منسكاً حافلاً بالخير.

وأي خير أوفر من شهود المنافع وتعرّف شؤون الأقطار الإسلامية، وشدّ أواصر المجتمع وإعداد النفوس لتلقى أسمى الفيوضات واستلهام الهدى واجتماع الكلمة؟

ونحن بسبيل أن نبين كيف اختار الإسلام موسم الحج ميدانا لإصلاح اجتماعي خطير؟ هذا الإصلاح هو: مهاجمة النفاق والكشف عن المنافقين وتمييزهم عن المجتمع ونبذهم، بعيدين عن المؤمنين لكي يسلم للأمة خلقها وتصح عناصرها. . .

أنزل الله على رسوله - صلى الله علية وسلم - في ختام ما نزل من القرآن سورة (براءة)، أو السورة (الفاضحة) التي فضحت الشرك وكشفت عن المنافقين، أنزلها الله في السنة التاسعة من الهجرة في موسم الحج

وقد كان محمد صلى الله علية وسلم - من قبل ذلك - يعرف خصومه من المشركين السافرين فيحذرهم وينكل بهم. ثم كان يعرف - أيضاً - أن بين أتباعه بعض المنافقين، فكان لا يجيبهم ولا يكشف عن أضغانهم ولا يبرز للمسلمين دخائل نفوسهم، إبقاء على الدعوة الإسلامية وهي في دور النمو والتكوين، حتى لقد بلغ من قسوة تلك الحالة على محمد صلى الله علية وسلم وعلى أصحابه، أن صاروا فريسة لمكائد النفاق وهدفا لمؤامرات المنافقين يدلون المشركين على عورات المؤمنين ويوضعون خلالهم يبغونهم الفتنة ومع هذا، هم لاصقون بالجماعة المحمدية. . .

(يحلفون ب الله إنهم لمنكم وما هم منكم، ولكنهم قوم يفرقون)

وقد بلغ من خطر النفاق على المجتمع يومذاك - أن دفعت أزمة حربية عنيفة للرسول - صلوات الله عليه - ولأصحابه، فكانت سانحة للمنافقين، أرجفوا فيها بموت محمد عليه السلام لتثبيط العزائم، وتمكين الهزيمة، والمؤمنون في ساعة عصيبة يجمعون شملهم

<<  <  ج:
ص:  >  >>