في مقاطعة كنت بإنجلترا سنة ١٨٦٦، خرج ذلك الأديب النابغ، ذلك العقل الجبار، ليظهر للعالم أنموذجاً صحيحاً للأدب الفني، للقريحة الممتازة القليلة النظير.
حصل ولز الأديب على شهادة في العلم في سن مبكرة، ولكن أبى القدر إلا أن يذوق ذلك الأديب من تجاربه القاسية، فساءت حال ولز المادية، فاضطر أن يشتغل في محل للأقمشة، ثم اشتغل بالصيدلة، ثم اشتغل بالتدريس. فكادت كل هذه التجارب تودي بحياته، إلا أنه اشتغل أخيراً بالتأليف والصحافة محافظة على حياته. وما من فنان أو عظيم بلغ أوج عظمته إلا وقد ذاق الأمرين.
لم يكن ولز كغيره من الأدباء، إذ كانت له نظرية فريدة، رفعته إلى المرتبة الأولى من الأدباء، فهو يصل الماضي بالحاضر متغلغلاً في أعماق المستقبل.
كانت قصص ولز الأدبية، قصيرة وطويلة، موضوعاتها منوعة، فقد عالج أساليب الحياة التي وصفها وصفاً دقيقاً، وكتب في الحب والحياة والموت والموضوعات العلمية.
وقد كانت تتخلل كتابات ولز قطع فنية، يكتبها بمداد من خياله الرائع الجميل مثل قوله:
(لقد كانت الزهرات تتدفق وتتعانق كألحان الموسيقى العذبة، وترفع إليَّ عيوناً كعيون الأطفال، وسرى إلى أذني غناء سحري من فم الزهر والأغصان والأوراق، وفجأة سمعت من أعماقها أغرودة طائر وخفق جناح مرتاع. . . الخ).
كان من أهم مميزات ذلك الأديب الفذ. . . صدق حدسه عن المستقبل، حتى وصفه أدباء فرنسا في ذلك الحين بأنه (رجل الأحلام) ووصفوا أحاديثه بأنها (أضواء تخطف الأبصار).
أغراضه:
١ - اهتم ولز بالفرد، وأراد أن ينزهه عن التحبب إلى من يعلو عنه مرتبة وينزهه عن التسخير فيقول (وما الأهرام، وما تلك المشيدات الرومانية العظيمة إلا بيد الفرد المستعبد المسكين).