الأستاذ عبد الرحمن البنا مؤلف مسرحية (صلاح الدين الأيوبي) داعية غيور متحمس لعروبته وإسلامه، وخطيب ساحر تعرفه منابر الأخوان المسلمين في عواصم المديريات ومراكز القطر المصري، وهو - فوق ما يتمتع به من البيان الجزل، والأدب الرصين - يستمد من إيمانه العميق ينبوعا دافقا للحديث المؤثر الخلاب، وقبسا ساطعا للهداية الملهمة الرشيدة، وأنت تجلس إليه في حديث عام فتسمع كلمات:(العروبة والقرآن ومحمد) تتزاحم مطردة في غير سأم ونشاز على لسانه، فتدرك أن معانيها الحبيبة قد تحولت دما يجري في عروقه، وعاطفة تتأجج في جوانحه، وعصبا تمتد شباكه في رأسه، ورغم دراسته المدنية، ق حفظ القرآن الكريم حفظاجيدا، وفهم شروحة المتنوعة فهما واعيا مستنيرا، وحفلت ذاكرته بمدد زاخر من الأحاديث النبوية المنتقاة ودراسة وافية للتاريخ الإسلامي في شتى عصور، فتهيأ له من ذلك مادة غزيرة تنصره في ارتجال الخطابي الذي يتكرر في اليوم الواحد عدة مرات، وترفعه إلى مستوى يتطلع إليه الكثيرون من أصدقائه ومر يديه.
وقد رأى أن يخدم دعوة الأخوان (التي حمل لوائها شقيقه الأمام الشهيد (رضي الله عنه) - بقلمه كما خدمها بلسانه، فأظهر عدة روايات إسلامية تبرز العناصر الهامة في تاريخ الدعوة المحمدية وتصور للقراء انتصار الفكرة المخلصة، والعقيدة الصادقة، وقد مثلت جميعا في فترات متقاربة، وحظيت بإقبال الجمهور وتزاحم برغم بعدها الشديد عن التدجيل المسرحي الوضيع، والذي يتملق الغرائز ويستثير العواطف، بل قيد الكاتب نفسه في كل كلمة وحركة بآداب الإسلام، وتعاليمه المنتقاة، وهذه روايته الرائعة (جميل بثينة) - مع ما يلوح من بعدها عن محيط الفكر ة الإسلامية - قد حلقت في هذا الأوج الطاهر الرفيع، فصورت معاني الوفاء والمروءة والصدق والشرف، ورسمت - في فصل طويل - مناظر الحج