والعمرةوالطواف والسعي والاستلام، والنسك ورمي الجمرات والأضحية والتلبية، وقد أطال الكاتب في ذلك إطالة ممتعة ومشوقة، يهب منها شذى إسلامي عاطر ينعش الأفئدة ويجذب الأرواح.
وحين تقدمت الجيوش العربية إلى نجدة فلسطين الشقيقة رأى الأستاذ أن يهتبل الفرصة، فيذكي الحماس، ويثير الحمية فأخرج مسرحيته الموفقة (صلاح الدين الأيوبي)، ومثلتها الفرقة الإسلامية لمسرح بدار الأوبرا الملكية إبان اشتعال المعركة منذ أعوام، فتركت أثرها القوى في نفوس الشبيبة الطاهرة من كتائب الأخوان، واندفعوا إلى حومة الاستشهاد باذلين أرواحهم رخيصة في سبيل الله، وقد شاء المؤلف أن ينشر مسرحيته اليوم على الناس، فأبرزها في حلة زاهرة قشيبة، وقد حفلت بثلاث فصول قوية محكمة. . . وإذا كان العمل الفني يشوه بالتلخيص تشويها يذهب بأصالته وعمقه وجدته، فنحن نكتفي بذكر العنوان الموجز لكل فصل من الفصول فالأول منها يصف المؤامرة الخبيثة التي دبرها الفاطميون لمحق الدولة الأيوبية لمصر، والثاني والثالث يصوران المعارك الحامية التي شنها بطل الإسلام صلاح الدين على أعداء العروبة من الصليبيين. وقد وفق الكاتب حين عمد إلى إبراز الأوضاع السياسية الغابرة التي تشترك مع أوضاعنا الراهنة في كثير من الأمور، فالهدنة المعقودة، ونقضها المتكرر، وقتل النساء، والأطفال والشيوخ، وتحالف الدولة الغربية مع الباطل أمام الحق، وتدفق الكتائب الإسلامية من مصر وسوريا وفلسطين. . . كل ذلك كان بالأمس كما هو اليوم!! وإذا كان النصر النهائي قد حالف صلاح الدين القوي المتسامح في وثبته الظافرة، فما زالت معركة اليوم تتطلب فصلا أخيرا يرجع الحق إلى نصابه، ويقشع عن فلسطين كابوس السفلة الأنذال، فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فتحقق الآمال، وتتفق المعركتان!!
وإني لأهنئ الأستاذ المؤلف بجهاده وإيمانه، وأبارك جهوده الموفقة في سبيل دينه ووطنه ولازلت أنتظر على يده السداد المأمول، فهو صدى شقيقه الإمام وشعاعا من شمس أنارت الظلمات، ثم صعدت إلى ملئها الرحيب في جنات النعيم، راضية مرضية برضوان الله وثوابه العميم.