للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[فضول ملخصة في الفلسفة الألمانية]

٢ - تطور الحركة الفلسفية في ألمانيا

للأستاذ خليل هنداوي

نقد العقل

ليست غاية هذا النقد إحباط نتائج العلم النظري، ولكن غايته أن يسيره في مناهجه الواضحة، فالعلم النظري الذي كان في عهد ما ملك العلوم قد فقد تأثيره، لأنه قد آلى على نفسه أن يتوجه لمباحث تكاد لا تغنى شيئاً، يريد من ورائها التحقيق، وهي - كل يوم - ينقضها من عالم الواقع ألف برهان وبرهان، ثم انتهى (كانت) إلى الشكوكية، ثم الحيادية التي يقول عنها: (هذه التي تظهر عند تفتح العلوم، وتعمل على إظهار العلم الذي حانت ولادته؛ أليست هذه الحيادية من الأشياء التي تسترعي انتباهنا؟ أنها والحق ليست بوليدة الخلفة، ولكنها وليدة محاكمة عصر طويل، شاء ألا ينخدع بظواهر المعرفة كثيراً، أنها دعوة عنيفة تدعو عقلنا إلى عمل عنيف، إلى معرفة نفسه،، وإنما هي تهذب مجلس يذود عنها ويصون تعاليمها الصحيحة، ويحكم عليها إذا ظلمت حسب شرائعها ونظمها الثابتة، وما هذا المجلس إلا مجلس العقل الخالص

والعقل الخالص عند (كانت) هو العقل نفسه، قبل أن يدخل الامتحان في تلافيفه شيئاً، هو العقل المجرد قبل أن ينطبع فيه شيء، وفيه ثلاث قوى نفسانية: الأولى قوة المعرفة التي تنطوي على الإدراك والحكم العقلي، وترتيب الأحكام، وهي تبحث عن أكناه الأشياء وحقائقها، والبحث فيها يتعلق بنقد العقل الخالص. والثانية خاصة الإرادة، وهي تبحث عن الخير، ومرجعها إلى نقد العقل العملي. والثالثة هي الشعور بالسرور والشقاء، وموضوعها الجميل، ومرجعها إلى نقد الحكم

وماذا أستطيع أن أعرف؟ هذا هو السؤال الذي يضعه الفيلسوف أمام نفسه، وهو ينبغي حله. أن كل معرفة تبدأ عن طريق الاحساس؛ ففي كل إحساس يجب أن نفرق بين مادتين: بين المادة التي تهدينا إليها حواسنا، وبين الهيئة التي لا يختلقها العقل من الخارج، ولكنه يجدها في نفسها متعلقة بهذه المادة؛ إن في عقلنا إدراكات خالصة ملهمة، كالصور الأصلية

<<  <  ج:
ص:  >  >>