للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[يا أغنيائنا! قولوا أسلمنا ولا تقولوا آمنا]

لا أزال معجبا بالحديث الديني الذي نشرته الأهرام منذ أسبوعين

لصاحب السمو الملكي أمير الأمراء محمد علي بلغه الله انفس العمر.

واشد ما حرك إعجابي به، واثلج صدري منه، قول الأمير عن نفسه:

(إني اشهد الله على أن كل توفيق أصبته وكل خير نلته منذ نشأتي

إلى اليوم، كان مرجعه إلى ائتماري بأوامر الدين وانتهائي بنواهيه)

وقوله عن مصر وأخواتها: (إنهن لو رجعن إلى الماضي العظيم لعلمن

أننا لم نأت بخير ولم نظفر بسؤدد إلا برعاية الدين).

جميل من سمو الولي أن يعتقد الدين ويعمل به ويتعصب له ويدعو إليه في وقت نسى الناس فيه الله، فعبد الأمراء الشهوة، واله الأغنياء المال، واتبع الزعماء الهوى، واستجد الفقراء الحظ. ولكن - وما (لكن) إلا حرف جرئ ملعون يستدرك على كل موجود ما خلا الله - لماذا اقتصر أمير الأمراء من فضائل الإسلام على (المحبة والسلام والصلاة والصيام والعمل والصبر والطهارة) وقد كنا نطمع في صدق إيمانه وسمو بيانه أن يذكر كذلك الزكاة والإحسان والبر والتعاون، ليعلم أولئك الأمراء الذين اسلموا ولم يؤمنوا، وهؤلاء الذين أساءوا ولم يحسنوا، إن الدين عمل ومعاملة، وتثقيف وتكليف، وإيثار وتضحية؟ نعم كنا نطمع في سمو الأمير وهو القدوة الحسنى في قول الحق وعمل المعروف إن يدعو إلى الجهة العملية من الدين عسى أن يستجيب له أولئك الذوات المدللون المرفهون الذين ميزهم الوطن كرها على بنيه، وآثرهم الشعب جهلا على نفسه، فيؤتوا حق الله في أموالهم لتقوى الحكومة على أن تدفع عنهم الوباء، ويشجع الفقراء على أن يشغلوا عنهم الموت. وحق الله الذي يشبع الجائع ويكسو العاري ويداوي المريض ويكفن الميت، ضئيل بجانب حق الشيطان الذي يولم الولائم الفاجرة، ويقيم السهرات الداعرة، ويجود على انجلترة الخؤون من غير مطلب، وينفق على تركية العقوق من غير حساب، ولكن حق الله على ضآلته ثقيل لأنه ينفق على العامل والفلاح، وحق الشيطان على ضخامته خفيف لأنه ينفق في الميسر والراح!

<<  <  ج:
ص:  >  >>