عنى الباحثون في الآداب العربية من الإفرنج في العصور الأخيرة باتجاهات الأدب العربي الحديث من سبل التحقيق العلمي ووسائل الدرس الفنية؛ وسرعان ما ظهرت عناية هؤلاء الباحثين في الدراسات والمباحث التي قاموا بنشرها في السنين الأخيرة في مختلف اللغات الأوربية عن الأدب العربي الحديث. وخير هذه الدراسات الفصول القيمة التي يكتبها المستشرق الألماني الكبير (كَارْلْ بُرُوِكلْمان) في (ملحق تاريخ الآداب العربية) وقد صدر منها أخيراً جزان عن الشعر المصري في العصر الحديث. غير أن ساحة الآداب العربية الحديثة (رغم هذه الدراسات) لا تزال غير مطروقة في جميع نواحيها بالبحث، والنواحي التي طرقت منها لم تتعد دائرة رسم الاتجاهات العامة والخطوط الأساسية. لهذا كانت الحاجة ماسة لدراسات مستفيضة عن الأدب العربي الحديث من طرق التحليل العلمي وسبل التحقيق الذي درج عليه الباحثون في تاريخ الآداب ووسائل الدرس الفنية
وتحت تأثير هذه الحاجة ومعرفتنا للغة العربية التي حصلنا عليها لظروف عائلية بين تركيا ومصر اندفعنا إلى دراسة الأدب العربي الحديث في اتجاهاته وأعلامه في دراسات مفصلة، ظهرت آثارها فيما نشرناه منذ عام ١٩٣٦ في اللغات الألمانية والروسية والتركية والإنجليزية والعربية. وكان أن رغب إليّ بعض الزملاء من أدباء العربية أن انشر دراساتي في اللغة العربية لفائدة الناطقين بها من جهة، ولإمكان استفادة كل الباحثين من المستعربين الإفرنج في آداب العرب من جهة أخرى، مما لا يتحقق فائدته على نفس الوجه في الكتابة في لغة من اللغات الإفرنجية التي قلمنا بها
وتحت تأثير رغبة هؤلاء الزملاء وتشويقهم، لخصت جانباً من دراستي التحليلية التي كتبتها في الألمانية عن (شاعر العراق الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي) ونشرتها بالعربية كما ترجمت بحثي عن الأستاذ الدكتور (طه حسين) ومضيت أضع دراسة عن الأديب الكبير (توفيق الحكيم) صدرت في الشهر الفائت ثم انثنيت أدرس الأديب الشاعر (خليل مطران) وأضع دراسة مفصلة عنه، تكلفت بنشرها متتابعة مجلة (المقتطف) شيخة المجلات العربية. وحدث أن عرضت في الفصل الثالث من دراستي للطريقة التي