جاء في (العدد ٥٩٥) من (الرسالة) مقال ظريف للدكتور أحمد فؤاد الأهوافي عنوانه (السلم العالمية حلم قريب الأمد).
وليس هذا من المستغرب: فإن الآراء تختلف، وكثيراً ما أيد الناس أحبها إليهم، أو أقربها إلى لون ثقافتهم، أو أصلحها لسياستهم. وقد نشط القائلون باتجاه الإنسانية نحو السلم العالمية أو بقربها بعد الحرب الكبرى السابقة، ومنهم مثلاً: ديفز، وكرنيجو، وويلز الذي يصف بكتابه المشهور (سير الإنسانية العظيم نحو وحدة عالمية). وهذا هو مذهب الدكتور. وموضوعه كثير الأبواب والأصول، متشعب الأطراف والحواشي؛ وإبقاء بيانه وأدلته يملأ سفراً فزائدا، ولا طائل وراء الإطالة فيه
يقول الدكتور في فاتحة احتجاجه:(لاشك أن أحدا من الدول المشتركة في هذه الحرب القائمة لم يكن يرغب في إثارتها) لكنه يقول في منتصف مقاله: (تشيع العقيدة في نفس بعضها (الدول) أنها أقوى من غيرها بأساً وأسمى عقلاً وأرفع منزلة وأوسع علماً. ولهذا وقعت الحرب الحالية لانقسام العالم إلى دول عظمى وإمبراطوريات كبيرة تتنازع على السيادة والسلطان)
عجبا! لم ترغب دولة في هذه الحرب، وقد نشبت، إذ أعتقد بعض الدول أنه أقوى من غيره، فتنازعه السيادة، ومن أراد السيادة أراد الحرب. أفلا يبدو أن في هذا الكلام تناقضا ينتفي به معنى الجملة الأولى منه؟ وفي الجمل التالية إشارة واضحة إلى ألمانيا، إذ المعروف أنها ابتدأت بالاعتداء على غيرها وأرادت أموراً حققتها بالقوة وهي عالمة بأن إرادات أخر تعارضها.
وقد علّمها كلز وتز أن غرض المحارب هو إخضاع إرادة العدو لإرادته هو. ولكليمنصو قوله:(سواء كانت الحرب استراحة من ملهاة السلم، أو كان السلم استراحة من مأساة الحرب، يبقى مقرراً أننا نقبل معاناة محنها الدامية، حتى إننا ننشدها، ويسرنا فوق ذلك أن نفخر بها). ولا حاجة إلى مزيد بعد أن جاء المحتج بدليل ونقيضه في آن معاً
ثم يقول الدكتور: (إن أصحاب العروش وذوي التيجان وأقطاب الدول والزعماء المحركين