لكي نجيب على هذا السؤال يجب أن نعود خطوة أو خطوتين إلى ما قبل بدءِ هذه النهضة، كيما نرسم تلك الفترة الغريبة التي مر بها المسرح وقتذاك لنرى في أي بيئة نشأت فرقة رمسيس، وفي أي ظروف أنشئت؟
نحن في عام ١٩١٧، والحرب الكبرى ما تزال في أيامها العصيبة، والناس هنا يسمعون بها، وتصل إليهم أخبار أهوالها ويعانون الأزمات الناشئة عنها. بيد أن أكثرهم كان بعيداًِ عن الاصطلاء بنارها، وعلى كل حال لم يكن بهم من حاجة لقليل أو كثير من المآسي يضيفونها إلى مآسي الحرب وآلامها. كان بهم حاجة في الواقع إلى ما يفرج عن نفوسهم ويخفف عن صدورهم وقر الحياة والأيام العصيبة التي تجتازها الدنيا حينذاك.
ومن ثم، فإنهم كانوا أقرب إلى تناول الأشياء المرحة منهم إلى تقبل ما يفجع أو يخلق الأحزان ويثير كوامن الذكريات الأليمة
وقامت السينما ودور اللهو بنصيبها في هذا السبيل، وقام أبناء المسرح بنصيبهم أيضاً؛ وبدأت الفرق الهزلية تنتعش وتزجى بضاعتها، فيقبل عليها الناس!
كان بربري مصر الوحيد يعمل في:(كازينو دي باري) عند مدام مارسل، بين عشرات من الفتيات الجميلات!
وكان عزيز عيد، وروز اليوسف، ونجيب الريحاني وغيرهم يعملون حيناً في (الأبيه دي روز)، وحيناً آخر في (مسرح برنتانيا القديم)، أو على غير ذلك من مسارح كانت قائمة وقتذاك
كان هؤلاء جميعاً يعملون ليضحكوا الناس وليدخلوا المسرة إلى قلوبهم والنشوة إلى نفوسهم. حتى خرج إليهم نجيب الريحاني بشخصيته الطريفة:(كشكش بك) عمدة كفر