للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[في العقد]

لأستاذ جليل

صاحب البيت الثاني: (ولرب مأخوذ بذنب عشيره) هو غير صاحب البيت الأول: (جانيك من يجني عليك. . .) وإذا كان قد قاله كما روى صاحب (العقد) والشريشي شارح (المقامات) فقد سار مع العروض التامة. ويظهر أن أديباً استطال الصدر فاستبدل به: (ولرب مأخوذ بلا قرف) - واقترف في هذا المعنى أكثر - فخرج بذلك من (العروض التامة والضرب الأحذ المضمر) إلى (العروض الحذاء المضمرة والضرب الأحذ المضمر) ولم يذكروا هذه العروض، ولم ترد في أشعارهم، وإذا جاءت فإنما تجيء في مطالع القصائد مصرَّعة كما قال صاحب (العقد) في مقطوعة (عروضية):

عينيّ، كيف غررتما قلبي ... وأبحتماه لوعة الحب؟!

يا نظرة، أذكت على كبدي ... ناراً قضيت بحرها نحبي!

خلوا جوى قلبي أكابده ... حسبي مكابدة الجوى حسبي!

عيني جنت من شؤم نظرتها ... ما لا دواء له على قلبي!

جانيك من يجني عليك وقد ... تعدى الصحاح مبارك الجرب

ولا تصريع في بيتينا

وقد يقال: إن أديباً آخر فطن لذلك الخروج في (بلا قرف) فبدل به (بلا ترة) فأقبلت النغمات متوائمة وإن لم يبن البيت هنا إبانته في تينك الروايتين

وبعد فإن رواة البيت: (جانيك. . .) في كتب اللغة والأدب قد غلطوا في روايته فالبيت مرفوع لا مخفوض، ولا إقواء فيه، وقد قصد صاحب اللسان (وتبعه صاحب التاج) جبره بهذه الرواية:

جانيك من يجني عليك وقد ... تعدى الصحاح فتجرب الجرب

فما انجبر، و (مُبارك) في البيت ليست مرفوعة وإنما هي منصوبة

وقد شاء الله أن يكون الفضل في إعلان الرواية الصحيحة المحققة لهذا البيت لمجلة (الرسالة) في هذا الزمان؛ والإفضال على الأدب العربي في كل جزء، في كل أسبوع، هو هجيراها، هو دأبها، وحسبها وحسبنا تلك (الأولى) لربها فيه

<<  <  ج:
ص:  >  >>