قصة مسرحية للأستاذ توفيق الحكيم بحث وتحليل ونقد بقلم
الأديب عبد الرحمن صدقي
تتمثل حياة الشرق في كتابين: القرآن الكريم، وحكايات ألف ليلة وليلة. فالأول يهدي إلى ما يجب أن يكون، والثاني يصور ما هو كائن واقع. يعالج أحدهما من طريق الوحي الديني علائق الإنسان بالله والمحدود باللا محدود وموقف البشر حيال المسائل الخالدة التي تفوق مداركه ولا تني تعذبه. ويستعرض الآخر لعياننا وأخلادنا صوراً حية تترى وتترى، مؤنسة كل الايناس مؤثرة أبلغ التأثير، لزحمة الحياة، والوان المجتمع على اختلاف شياته وتعدد أصباغ نسيجه، وأنماط الناس، ومطالب العيش، ودوافع الغرائز المعقدة المتضاربة، ومسارب الأحاسيس العميقة الغامضة.
وقد عمد الأستاذ الحكيم إلى هذين المرجعين من الحكمة الإلهية ومن الحكمة البشرية. فاستوحى من الأول قصته المنشورة عن أهل الكهف، واستأنف من الثاني قصته التي لم تنشر بعد عن شهرزاد. فكان اختيار المؤلف (الحكيم) أول عناصر نجاحه.
وسيقصر كلامنا هنا بطبيعة الحال على القصة المنشورة (أهل الكهف)
عمل الفنان
لأجل أن نرد ما لقيصر لقيصر وما لله لله، نسوق ملخصا لشرح البيضاوي للسورة الكريمة. وظاهر من هذا الشرح أنه كل ما اعتمد عليه مؤلفنا في قصته التمثيلية البعيدة الغور.
هم فتية من أشراف الروم، أرادهم دقيانوس الجبار على عبادة الأوثان والشرك بالله؛ فأبوا وهربوا إلى الكهف، وقد مروا في هربهم بأحد الرعاة فتبعهم وتبعه كلبه، وكان دخولهم الكهف غدوة وألقى الله عليهم سباتا سنين عدة: اختلف الناس في عدتها، فقالوا ثلاث ماية، وزادها غيرهم تسعا، والله أعلم بما لبثوا. وظلوا على الحال التي كانوا بها تحسبهم أيقاظا وهم رقود وكلبهم باسط ذراعيه بالوضيد. ثم قضى الله انبعاثهم، فانتبهوا ظهيرة وظنوا أنهم